{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ} [المؤمنون: ٧٨] خلق لكم، {السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ} [المؤمنون: ٧٨] قال مقاتل: يعني أنهم لا يشكرون رب هذه النعم ويوحدونه.
{وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} [المؤمنون: ٨٠] يحيي الولد في الرحم فيولد حيا، ثم يميته، {وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [المؤمنون: ٨٠] قال الفراء: هو الذي جعلهما مختلفين، يتعاقبان ويختلفان في السواد والبياض.
{أَفَلا تَعْقِلُونَ} [المؤمنون: ٨٠] ما ترون من صنعه فتعتبرون.
{بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُونَ} [المؤمنون: ٨١] قال الكلبي: كذبت قريش بالبعث مثل ما كذب الأولون.
وما بعد هذا ظاهر إلى قوله: {قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {٨٤} سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ {٨٥} قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ {٨٦} سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ {٨٧} قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {٨٨} سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ {٨٩} بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ {٩٠} } [المؤمنون: ٨٤-٩٠] {قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا} [المؤمنون: ٨٤] من الخلق، {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [المؤمنون: ٨٤] خالقها ومالكها.
سيقولون الله أي: يقرون بأنها مخلوقة له، {قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} [المؤمنون: ٨٥] تتفكرون أن من قدر على خلق الأرض ومن فيها قادر على إحياء الموتى.
قوله: قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم سيقولون الله وقرئ لله وكذلك ما بعده، فمن قرأ الله فعلى ما يقتضيه اللفظ من جواب السائل، لأنك إذا قلت: من رب السموات؟ فالجواب: الله، ومن قرأ لله فعلى المعنى، لأن معنى من رب السموات، لمن السموات؟ فيقال: لله.
كما يقال: من مالك هذه الدار؟ فيقال: لزيد.
لأن معناه: لمن هذه الدار، فإذا قالوا ذلك، و {قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} [المؤمنون: ٨٧] عبادة غيره.
قُلْ لهم يا محمد: {مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} [المؤمنون: ٨٨] الملكوت الملك، والتاء زيادة للمبالغة، نحو جبروت ورهبوت، {وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [المؤمنون: ٨٨] يقال: أجرت فلانا إذا استغاث بك فحميته، وأجرت عليه إذا حميت عنه.
والمعنى أنه يمنع من السوء من يشاء، ولا يمنع منه من أراد بسوء، وقوله: {فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [المؤمنون: ٨٩] قال الفراء، والزجاج: تصرفون عن الحق، وتخدعون.
والمعنى: يخيل لهم الحق باطلا، والصحيح فاسدا.
{بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ} [المؤمنون: ٩٠] بالتوحيد والقرآن، {وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [المؤمنون: ٩٠] فيما يضيفون إلى الله عن الولد والشريك.
ثم نفاهما عن نفسه، فقال: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ {٩١} عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ {٩٢} } [المؤمنون: ٩١-٩٢] {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ} [المؤمنون: ٩١] لاعتزل وانفرد بخلقه، فلا يرضى أن يضاف خلقه وإنعامه إلى غيره ولمنع الإله الآخر عن الاستيلاء على ما خلق، {وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [المؤمنون: ٩١] طلب