الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا {٥٨} الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا {٥٩} وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا {٦٠} } [الفرقان: ٥٥-٦٠] {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُهُمْ} [الفرقان: ٥٥] أن عبدوه، {وَلا يَضُرُّهُمْ} [الفرقان: ٥٥] إن لم يعبدوه، {وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا} [الفرقان: ٥٥] الظهير: العون المعين، قال الحسن: عونا للشيطان على ربه بالمعاصي.
وقال الزجاج: لأنه يتابع الشيطان ويعاونه على معصية الله، لأن عبادتهم الأصنام معاونة للشيطان.
قال المفسرون: عنى بالكافر أبا جهل.
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا مُبَشِّرًا} [الفرقان: ٥٦] بالجنة، {وَنَذِيرًا} [الفرقان: ٥٦] من النار.
{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ} [الفرقان: ٥٧] على القرآن وتبليغ الوحي، {مِنْ أَجْرٍ} [الفرقان: ٥٧] وفي هذه تأكيد لصدقه، لأنه لو طلب على دعائهم إلى الله شيئا من أموالهم لقالوا: إنما تطلب أموالنا.
وقوله: {إِلا مَنْ شَاءَ} [الفرقان: ٥٧] معناه لكن من شاء، {أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا} [الفرقان: ٥٧] بإنفاق ما له فعل ذلك، والمعنى: لا أسئلكم لنفسي أجرا، ولكن لا أمنع من إنفاق المال في طلب مرضاة الله واتخاذ السبيل إلى مرضاة الله.
قوله: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا} [الفرقان: ٥٨] تفسير هذه الآية ظاهر.
وقوله: {الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ} [الفرقان: ٥٩] مفسر في { [الأعراف إلى قوله:] فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [سورة الفرقان: ٥٩] قال الكلبي: يقول: فاسأل الخبير بذلك.
يعني بها: ذكر من خلق السموات والأرض والاستواء على العرش، وهذا الخطاب ظاهرة للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والمراد به غيره، كقوله: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ} [يونس: ٩٤] الآية.
قوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ} [الفرقان: ٦٠] لكفار مكة، {اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ} [الفرقان: ٦٠] قال المفسرون: إنهم قالوا ما نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة، يعنون مسيلمة.
قال الزجاج: الرحمن اسم من أسماء الله مذكور في الكتب الأولى، ولكنهم لم يكونوا يعرفونه من أسماء الله، فلما سمعوه أنكروه.
ف {قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا} [الفرقان: ٦٠] استفهام إنكاري، أي: لا نسجد للرحمن الذي تأمرنا بالسجود له.
ومن قرأ بالياء بالمعنى: أنسجد لما يأمرنا، محمد بالسجود له.
{وَزَادَهُمْ نُفُورًا} [الفرقان: ٦٠] قال مقاتل: زادهم ذكر الرحمن تباعدا من الإيمان.
قوله: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا {٦١} وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا {٦٢} } [الفرقان: ٦١-٦٢] {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا} [الفرقان: ٦١] قال عطاء، عن ابن عباس: يريد بروج النجوم، يعني منازلها الاثني عشر.
وقال الحسن، ومجاهد: هي النجوم الكبار.
وهو قول قتادة، سميت بروجا لظهورها.
{وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا} [الفرقان: ٦١] يعني الشمس، كقوله: {وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا} [نوح: ١٦] وقرأ حمزة سرجا قال الزجاج: أراد بالشمس