للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والكواكب معها، ومن حجة هذه القراءة قوله: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} [الملك: ٥] .

{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً} [الفرقان: ٦٢] قال أبو عبيدة: الخلفة كل شيء بعد شيء، الليل خلفة للنهار، والنهار خلفة لليل، لأن أحدهما يخلف الآخر ويأتي بعده.

قال الفراء: يقول: يذهب هذا ويجيء هذا.

وقال ابن زيد: يخلف أحدهما صاحبه، إذا ذهب أحدهما جاء الآخر، فهما يتعاقبان.

وقال قتادة: إن المؤمن قد ينسى بالليل ويتذكر بالنهار، وينسى بالنهار ويذكر بالليل.

وقال الحسن: جعل أحدهما خلفا للآخر، فإن فات رجلا من النهار شيء أدركه بالليل، وإن فاته شيء بالليل أدركه بالنهار.

وهو قوله: {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ} [الفرقان: ٦٢] وقرأ حمزة مخففا على معنى أنه يذكر الله بتسبيحه فيهما، قال الفراء: ويذكر ويتذكر يأتيان بمعنى واحد، قال الله تعالى: {وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ} [البقرة: ٦٣] وفي حرف عبد الله وتذكروا ما فيه.

وفي جعل الله تعالى الليل والنهار متعاقبين يخلف أحدهما صاحبه اعتبار واستدلال على قدرته، ومتسع لذكره وطاعته أيضا.

وقوله: {أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان: ٦٢] يقال: شكر يشكر شكورا وشكرا، ومنه قوله: {لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا} [الإنسان: ٩] قال ابن عباس: يريد لمن أراد أن يتعظ ويطيعني.

وقال مجاهد: شكر نعمة ربه عليه فيهما.

{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا {٦٣} وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا {٦٤} وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا {٦٥} إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا {٦٦} وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا {٦٧} } [الفرقان: ٦٣-٦٧] قوله: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: ٦٣] الهون: مصدر الهين في السكينة والوقار، يقال: هو يمشي هونا.

قال الحسن، وعطاء، والضحاك، ومقاتل: حلماء متواضعين يمشون في اقتصاد.

وقال قتادة: تواضعا لله لعظمته.

{وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ} [الفرقان: ٦٣] يعني السفهاء، {قَالُوا سَلامًا} [الفرقان: ٦٣] قال ابن عباس: لا يجهلون مع من يجهل.

وقال الحسن: يقول: إن جهل عليهم جاهل حلموا ولم يجهلوا.

وقال قتادة: كانوا لا يتجاهلون أهل الجهل.

وقال مقاتل بن حيان: قالوا سلاما.

أي: قولا يسلمون فيه من الإثم.

قال الحسن: هذا صفة نهارهم إذا انتشروا في الناس، وليلهم خير ليل إذا خلوا فيما بينهم وبين ربهم، يراوحون بين أطرافهم.

وهو قوله: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان: ٦٤] قال الزجاج: كل من أدركه الليل فقد بات، يبيت نام أو لم ينم، يقال: بات فلانا قلقا، والمعنى: يبيتون لربهم بالليل في الصلاة سجدا وقياما.

وذكر الكلبي، عن ابن عباس، قال: من صلى ركعتين أو أكثر بعد العشاء فقد بات لله ساجدا وقائما.

{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} [الفرقان: ٦٥] الغرام: العذاب اللازم أو الشر اللازم.

قال مقاتل: إن عذابها لازم كلزوم الغريم للغريم.

وقال الزجاج: الغرام أشد العذاب.

{إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} [الفرقان: ٦٦] إن جهنم بئس موضع قرار

<<  <  ج: ص:  >  >>