مقاتل: ثلاثين سنة.
وقال الكلبي: أربعين سنة.
{وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ} [الشعراء: ١٩] يعني قتل القبطي.
{وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [الشعراء: ١٩] قال الحسن، والسدي: أي بإلهك، كنت معنا على ديننا الذي تصيب.
وقال الفراء: وأنت من الكافرين لنعمتي ولتربيتي.
وهذا قول مقاتل، وعطاء، وعطية.
{قَالَ} [الشعراء: ٢٠] موسى: {فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} [الشعراء: ٢٠] أي: فعلت تلك الفعلة وأنا من الجاهلين، لم يأتني من الله شيء.
{فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ} [الشعراء: ٢١] ذهبت من بيتكم حذرا على نفسي إلى مدين، {لَمَّا خِفْتُكُمْ} [الشعراء: ٢١] أن تقتلوني بمن قتلته، {فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا} [الشعراء: ٢١] نبوة، وقال مقاتل: يعني العلم والفهم.
{وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ {٢١} وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ {٢٢} } [الشعراء: ٢١-٢٢] يقال: استعبدت فلانا وأعبدته وتعبدته وعبدته أخذته عبدا.
قال الزجاج: المفسرون أخرجوا هذا على جهة الإنكار، أن يكون ما ذكر فرعون نعمة على موسى، واللفظ لفظ خبر، وفيه تبكيت للمخاطب على معنى: إنك لو كنت لا تقتل أبناء بني إسرائيل لكانت أمي مستغنية عن قذفي في اليم، فكيف تمن عليّ بما كان بلاؤك سببا له.
وزاد الأزهري هذا بيانا، فقال: إن فرعون لما قال لموسى: ألم نربك فينا وليدا، فاعتد عليه بأن رباه وليدا منذ ولد إلى أن كبر، فكان من جواب موسى له: وتلك نعمة تعتد بها عليّ لأنك عبدت بني إسرائيل، ولو لم تتعبدهم لكفلني أهلي ولم يلقوني في اليم، أي: فإنما صارت لك نعمة عليّ لما أقدمت عليه من ما حظره الله عليك.
قال المبرد: يقول: التربية كانت بالسبب الذي ذكر من التعبد، أي: تربيتك إياي كانت لأجل التملك والقهر لقومي.
{قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ {٢٣} قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ {٢٤} قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ {٢٥} قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ {٢٦} قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ {٢٧} قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ {٢٨} } [الشعراء: ٢٣-٢٨] {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ٢٣] قال محمد بن إسحاق: يستوصفه إلهه الذي أرسله إليه، أي: ما إلهك هذا؟ فأجابه موسى بما يدل عليه من خلقه ما يعجز المخلوقون على أن يأتوا بمثله.
{قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} [الشعراء: ٢٤] أنه خلق ذلك، فلما قال موسى ذلك تحير فرعون ولم يرد جوابا ينقض به هذا القول.
ف {قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ} [الشعراء: ٢٥] قال ابن عباس: يريد ألا تستمعون مقالة موسى.
فزاد موسى في البيان، ف {قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ} [الشعراء: ٢٦] أي: الذي خلق آباءكم الأولين وخلقكم من آبائكم، فلم يجبه فرعون أيضا بما ينقض قوله، وإنما قال: {إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} [الشعراء: ٢٧] أي: ما هذا بكلام صحيح، إذ يزعم أن له إلها غيري، فلم يشتغل موسى بالجواب عما نسبه إليه من الجنون، ولكنه اشتغل بتأكيد الحجة والزيادة في الإبانة.
ف {قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [الشعراء: ٢٨] توحيد الله، وقال أهل المعاني: إن كنتم ذوي عقول لم يخف عليكم ما أقول، فلم يجبه فرعون في هذه الأشياء بنقض لحجته بل.
{قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ {٢٩} قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ {٣٠} قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ {٣١} فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ {٣٢} وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ {٣٣} قَالَ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ {٣٤} يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ {٣٥} قَالُوا