للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إليهما، وهم أن يبطش الثانية بالقبطي، وهو قوله: {فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا} [القصص: ١٩] أي: بالقبطي الذي هو عدو لموسى الإسرائيلي، ظن الإسرائيلي أن موسى يريد أن يبطش به لقوله: {إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ} [القصص: ١٨] ، ف {قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ} [القصص: ١٩] ولم يكن علم أحد من قوم فرعون أن موسى هو الذي قتل القبطي بالأمس حتى أفشى عليه الإسرائيلي وسمع القبطي ذلك، فأتى فرعون فأخبره، وقوله: {إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ} [القصص: ١٩] أي: تريد إلا أن تكون قتالا بالظلم.

قال الزجاج: الجبار في اللغة الذي لا يتواضع لأمر الله، والقاتل بغير حق جبار.

لما علم فرعون أن موسى قتل القبطي أمر بقتل موسى عليه السلام، وعلم بذلك رجل من شيعة موسى، فأتاه فأخذه، وهو قوله: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ {٢٠} فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ {٢١} وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ {٢٢} وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ {٢٣} فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ {٢٤} } [القصص: ٢٠-٢٤] {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ} [القصص: ٢٠] أي: من آخرها وأبعدها، يسعى على رجليه، قال ابن عباس: هو خربيل مؤمن آل فرعون.

{قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ} [القصص: ٢٠] قال أبو عبيدة: يتشاورون فيك ليقتلوك.

يعني: أشراف قوم فرعون، وقال الزجاج: يأمر بعضهم بعضا بقتلك.

فاخرج من القرية، {إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} [القصص: ٢٠] في أمري إياك بالخروج.

{فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} [القصص: ٢١] مر تفسيره.

{قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [القصص: ٢١] يعني: المشركين أهل مصر.

{وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ} [القصص: ٢٢] أي: قصدها ونحوها، قال الزجاج: أي سلك سبيلا في الطريق الذي يلقى مدين فيها وكان قد خرج بغير زاد ولا حذاء ولا ظهر، وهو على مسيرة ثمانية أيام من مصر، ولم يكن له بالطريق علم.

ف {قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ} [القصص: ٢٢] أي: يرشدني قصد الطريق إلى مدين.

{وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ} [القصص: ٢٣] قال ابن عباس: ورده وإنه ليتراءى خضرة البقل في بطنه من الهزال.

وجد عليه على ذلك الماء، أمة جماعة، من الناس وهم الرعاة، يسقون مواشيهم، {وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ} [القصص: ٢٣] من سوى الأمة، امرأتين وهما ابنتي شعيب تذودان تحبسان أغنامهما عن الماء حتى يفرغ الناس ويخلوا لهما البئر، هذا قول المفسرين، ومعنى الذود في اللغة: الدفع

<<  <  ج: ص:  >  >>