للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والطرد والكف، ومعنى تذودان: تدفعان وتكفان.

قال موسى، ما خطبكما ما شأنكما، ألا تسقيان؟ {قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} [القصص: ٢٣] أي: حتى يصدر مواشيهم من ورادهم فيخلوا لنا الموضع، وقرئ يصدر من صدر وهو ضد ورد، والمعنى: حتى يرجعوا من سقيهم، والرعاء جمع راع، قال ابن عباس: قالتا نحن امرأتان لا نستطيع أن نزاحم الرجال.

{وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} [القصص: ٢٣] لا يقدر أن يسقي ماشيته من الكبر، فلذلك احتجنا ونحن نساء أن نسقي الغنم.

فقال لهما موسى: أين الماء؟ فانطلقتا به إلى الماء، فإذا هو بحجر على رأس البئر لا يزيله إلا عصابة من الناس، فرفعه موسى بيده وحده، ثم أخذ الدلو فأدلى دلوا واحدا فأفرغه في الجومن، ثم دعا بالبركة فسقى الغنم، فرويت فذلك.

قوله: {فَسَقَى لَهُمَا} [القصص: ٢٤] أي: سقى أغنامهما لأجلهما، {ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ} [القصص: ٢٤] ثم انصرف إلى ظل شجرة فجلس تحتها من شدة الحر وهو جائع، {فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: ٢٤] قال ابن عباس: سأل نبي الله فلق خبز يقيم صلبه.

وقال سعيد بن جبير، عن ابن عباس: لقد قال موسى رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير، وهو أكرم خلقه عليه، ولقد افتقر إلى شق تمرة، ولقد أصابه الجوع.

وقال مجاهد: ما سأله إلا الخبز.

واللام في قوله: لما أنزلت إلي معناها إلى، قال الأخفش: يقال هو فقير له وإليه.

قال محمد بن إسحاق: فرجعتا إلى أبيهما في ساعة كانتا لا ترجعان فيها، فأنكر شأنهما وسألهما، فأخذتا الخبز، فقال لإحداهما: عليّ به.

فرجعت الكبرى إلى موسى عليه السلام لتدعوه، فذلك قوله: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ {٢٥} قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ {٢٦} قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ {٢٧} قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ {٢٨} } [القصص: ٢٥-٢٨] {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} [القصص: ٢٥]

<<  <  ج: ص:  >  >>