للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ {٧٥} { [القصص: ٧٤-٧٥] } وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ { [القصص: ٧٤] وقد مر تفسيرها، وإنما كرر ذكر النداء للمشركين بأين شركائي تقريعا لهم بعد تقريع.

} وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا { [القصص: ٧٥] وأخرجنا من كل أمة رسولها الذي يشهد عليهم بالتبليغ وبما قال منهم، وهذا كقوله:} فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ { [النساء: ٤١] الآية، وقوله:} وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا { [النحل: ٨٤] وقوله:} فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ { [القصص: ٧٥] قال مجاهد: حجتكم بما كنتم تعبدون.

وقال مقاتل: حجتكم بأن معي شريكا.

} فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ { [القصص: ٧٥] التوحيد،} لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ { [القصص: ٧٥] زال وبطل في الآخرة،} مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ { [القصص: ٧٥] في الدنيا من أن مع الله شريكا.

} إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ {٧٦} وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ {٧٧} { [القصص: ٧٦-٧٧] قوله:} إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى { [القصص: ٧٦] قال عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنه: كان من بني إسرائيل، ثم من سبط موسى، وهو ابن خالته.

وقال قتادة، ومقاتل: كان ابن عمه لحا، لأنه كان قارون بن يصهر بن قاهث، وموسى بن عمران بن قاهث.

وقوله: فبغى عليهم أي: بكثرة ماله جاوز الحد في التكبر والتجبر عليهم، وقال شهر بن حوشب: زاد عليهم في الثياب شبرا، والمعنى أنه تكبر عليهم، وطول الثياب من علامات التكبر، ولذلك نهي عنه، وقوله:} وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ { [القصص: ٧٦] قال عطاء: أصاب كنزا من كنوز يوسف، فكان كما ذكره الله تعالى:} مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ { [القصص: ٧٦] أي: خزائنه في قول الأكثرين، كقوله:} وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ { [الأنعام: ٥٩] وهو اختيار الزجاج، فإن الأشبه في التفسير أن مفاتحه خزائن ماله.

وقال آخرون: هي جمع مفتاح، وهو ما يفتح به الباب.

وهذا قول قتادة، ومجاهد.

وروى الأعمى، عن خيثمة، قال: كانت مفاتيح قارون من جلود، كل مفتاح مثل الإصبع، مفتاح كل خزانة على حدة، فإذا ركب حملت المفاتيح على ستين بغلا، وهو قوله:} لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ { [القصص: ٧٦] .

يقال: ناء بحمله إذا نهض به مثقلا.

قال ابن عباس: كان يحمل مفاتيحه الأربعون رجلا أقوى ما يكون من الرجال.

والمعنى: تثقلهم حمل المفاتيح.

يقال: نأى الحمل إذا أثقلت، فجعلت تنوء به.

} إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ { [القصص: ٧٦] المؤمنون من بني إسرائيل: لا تفرح قال المفسرون: لا تأشر ولا تمرح ولا تبطر.

} إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ { [القصص: ٧٦] الأشرين البطرين، الذين لا يشكرون الله على ما أعطاهم.

} وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ { [القصص: ٧٧] واطلب فيما أعطاك الله من الأموال والنعمة الجنة، وهو أن يقوم بشكر الله فيما أنعم عليه، وينفقه في رضا الله،} وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا { [القصص: ٧٧] وهو أن يعمل في الدنيا لأخرته، هذا قول أكثر المفسرين، واختيار الزجاج، قال: معناه لا تنسى أن تعمل لآخرتك، لأن حقيقة نصيب الإنسان من الدنيا

<<  <  ج: ص:  >  >>