موسى، قال للأرض: أطيعي.
فأخذته إلى الركبتين، ثم قال لها: أطيعي.
فأخذته إلى الحقوين، وهو في ذلك يستغيث بموسى، ثم قال: أطيعي.
فوارته في جوفها، فأوحى الله إليه: يا موسى، ما أغلظ قلبك، أما وعزتي وجلالي لو بي استغاث لأغثته.
قال: رب غضبا لك فعلت.
قال قتادة، ومقاتل: خسف به فهو يتجلجل في الأرض كل يوم قامة رجل إلى يوم القيامة.
قوله: {فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [القصص: ٨١] يقول: لم يكن له خير يمنعونه من الله، {وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ} [القصص: ٨١] من الممتنعين مما نزل من الخسف.
{وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ} [القصص: ٨٢] صار أولئك الذين تمنوا ما رزق من المال والزينة، يتندمون على ذلك التمني، وهو قوله: {يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ} [القصص: ٨٢] الآية، قال الكسائي: ويكأن في التأويل: ذلك أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر.
وقال أبو عبيدة: سبيلها سبيل ألم تر.
وقال مجاهد، وقتادة: ألم تعلم.
وقال الخليل، والفراء: وي مفصولة من كأن وذلك أن القوم تنبهوا فقالوا: وي متندمين على ما سلف منهم، وكل من تندم فإظهار ندامته أن يقول: وي، وكأن في مذهب الظن والعلم.
قوله: {لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا} [القصص: ٨٢] أي: بالعافية والرحمة والإيمان، لخسف بنا أي الله، ومن ضم الخاء فإنه يئول في المعنى إلى الأول.
ويكأنه معناه: ألم تر أنه، وأما ترى أنه، {لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [القصص: ٨٢] لا يسعد من يكفر بالله، ومعنى ويكأنه تنبيه.
{تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ {٨٣} مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {٨٤} } [القصص: ٨٣-٨٤] وقوله: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ} [القصص: ٨٣] يعني الجنة، {نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ} [القصص: ٨٣] قال عطاء: علوا على خلقي في الأرض.
وقال الحسن: لم يطلبوا الشرف والعز عند ذي سلطانهم.
وقال الكلبي، ومقاتل: استكبارا عن الإيمان.
٧٠٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَارِثِيُّ، أنا أَبُو الشَّيْخِ الْحَافِظُ، نا أَبُو عَبَّاسٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَمَّالُ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَزِيدَ، نا قُتَيْبَةُ بْنُ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ عَبْدِ الْغَفُورِ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَهُ كَانَ يَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ وَحْدَهُ، وَهُوَ وَالٍ، يُرْشِدُ الضَّالَّ، وَيُعِينُ الضَّعِيفَ، وَيَمُرُّ بِالْبَيَّاعِ وَالْبَقَّالِ فَيَفْتَحُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، وَيَقْرَأُ: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا} وَيَقُولُ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي أَهْلِ الْعَدْلِ وَالتَّوَاضُعِ مِنَ الْوُلاةِ وَأَهْلِ الْقُدْرَةِ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ
٧٠٦ - أَخْبَرَنِي الْحَاكِمُ أَبُو عَمْرٍو الْمَرْوَزِيُّ، كِتَابَةً، أَنَّ أَبَا الْفَضْلِ الْحَدَّادِيَّ أَخْبَرَهُمْ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ الْخَالِدِيِّ، أنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا وَكِيعٌ، عَنْ أَشْعَثَ الشَّامِيِّ، عَنْ أَبِي سَلامٍ الأَعْرَجِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُعْجِبُهُ شِرَاكُ نَعْلِهِ فَيَدْخُلُ فِي هَذِهِ الآيَةِ {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ} يَعْنِي: أَنَّ مَنْ تَكَبَّرَ عَلَى غَيْرِهِ بِلِبَاسٍ يُعْجِبُهُ فَهُوَ مِمَّنْ يُرِيدُ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ
وقوله: ولا فسادا قال الكلبي: هو الدعاء إلى عبادة غير الله.
وقال مقاتل: عملا بالمعاصي.
وقال عكرمة، ومسلم البطين: هو أخذ المال بغير حق.
والعاقبة للمتقين أي: الجنة لمن اتقى عقاب الله بأداء الفرائض واجتناب معاصيه.
قوله: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ} [القصص: ٨٤] قال