ومعنى تمسون: تدخلون في وقت المساء، ومثله تصبحون، وتظهرون في الوقتين جميعا، واعترض بين ذكر الأوقات قوله:{وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}[الروم: ١٨] قال ابن عباس: يحمده أهل السموات وأهل الأرض ويصلون له ويسبحون.
{يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ}[الروم: ١٩] مفسر فيما تقدم، {وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}[الروم: ١٩] يجعلها تنبت، وذلك حياتها بعد أن كانت لا تنبت، وكذلك تخرجون من الأرض يوم القيامة، وقرأ حمزة تخرجون بفتح التاء، أضاف الخروج إليهم، كقوله:{يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ}[المعارج: ٤٣] .
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا}[الروم: ٢١] جعل لكم أزواجا من مثل خلقكم، {لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}[الروم: ٢١] جعل بين الزوجين المودة والرحمة، فهما يتوادان ويتراحمان، وما من شيء أحب إلى أحدهما من الآخر من غير رحم بينهما.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ}[الروم: ٢١] الذي ذكر من صنعه، {لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الروم: ٢١] في عظمة الله وقدرته.
{وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ {٢٢} وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ {٢٣} } [الروم: ٢٢-٢٣]{وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}[الروم: ٢٢] على عظمتهما وكثافتهما وكثرة أجزائهما، واختلاف ألسنتكم يعني: اختلاف اللغات من العربية والعجمية، وألوانكم لأن الخلق من بين أسود وأبيض وأحمر، وهم ولد رجل واحد وامرأة واحدة، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ}[الروم: ٢٢] للبر والفاجر، والإنس والجن، وقرأ حفص بكسر اللام، قال الفراء: وهو وجه جيد لأنه قد قال: {آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}[الجاثية: ٥] ، و {لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ}[آل عمران: ١٩٠] .
{وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ}[الروم: ٢٣] التقدير: منامكم بالليل وابتغاؤكم من فضله بالنهار، هذا يعني تصرفكم في طلب المعيشة، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ}[الروم: ٢٣] سماع اعتبار وتدبر.