قال الزجاج: وأخذ الميثاق حيث أخرجوا من صلب آدم كالذر، {وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}[الأحزاب: ٧] عهدا شديدا على الوفاء بما حملوا، وذلك العهد الشديد هو اليمين بالله عز وجل.
{لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ}[الأحزاب: ٨] يقول: أخذنا ميثاقهم لكي يسأل الصادقين، يعني النبيين، هل بلغوا الرسالة، والمعنى: ليسأل المبلغين من الرسل عن صدقهم في تبليغهم يوم القيامة، وتأويل مسألة الرسل، والله يعلم إنهم لصادقون، التبكيت للذين كفروا بهم، وتم الكلام، ثم أخبر عما أعد للكفار، فقال:{وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ}[الأحزاب: ٨] بالرسل، عذابا أليما.
قوله:{يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا {٩} إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا {١٠} } [الأحزاب: ٩-١٠]{يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ}[الأحزاب: ٩] يذكرهم الله إنعامه عليهم في دفع الأحزاب عنهم من غير قتال، {إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ}[الأحزاب: ٩] وهم الذين تحزبوا على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيام الخندق: عيينة بن حصن، وأبو سفيان ومن معهما من المشركين، وقريظة، {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا}[الأحزاب: ٩] وهي الصبا، أرسلت على الأحزاب حتى أكفأت قدورهم، ونزعت فساطيطهم، {وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا}[الأحزاب: ٩] يعني الملائكة.