للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا فُلانٌ، ثُمَّ دَعَا أَبُو سُفْيَانَ بِرَاحِلَتِهِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، وَاللَّهِ مَا أَنْتُمْ بِدَارِ مَقَامٍ، لَقَدْ هَلَكَ الْخُفُّ وَالْحَافِرُ، وَأخْلَفَتْنَا بَنُو قُرَيْظَةَ، وَهَذِهِ الرِّيحُ لا يَسْتَمْسِكُ لَنَا مَعَهَا شَيْءٌ، وَلا تَثْبُتُ لَنَا نَارٌ، وَلا تَطْمَئِنُّ قِدْرٌ، ثُمَّ عَجَّلَ وَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ، وَإِنَّهَا لَمَعْقُولَةٌ، مَا حَلَّ عِقَالَهَا إِلا بَعْدَ مَا رَكِبَهَا، قَالَ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَوْ رَمَيْتَ عَدُوَّ اللَّهِ فَقَتَلْتَهُ كُنْتُ قَدْ صَنَعْتُ شَيْئًا، فَوَتَرْتُ قَوْسِي ثُمَّ وَضَعْتُ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَرْمِيَهُ فَأَقْتُلَهُ فَذَكَرْتُ قَوْلَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَرْجِعَ، قَالَ: فَحَطَطْتُ الْقَوْسَ ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يُصَلِّي، فَلَمَّا سَمِعَ حِسِّي فَرَّجَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ فَدَخْلُت تَحْتَهُ وَأَرْسَلَ عَلَيَّ طَائِفَةٌ مِنْ مِرْطِهِ فَرَكَعَ وَسَجَدَ، ثُمَّ قَالَ: مَا الْخَبَرُ؟ فَأَخْبَرْتُهُ ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، عَنْ آلِ الأَحْزَابِ مِنْ أَيْنَ جَاءُوا

فقال: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأحزاب: ١٠] من فوق الوادي من قبل المشرق، قريظة، والنضير، وغطفان.

{وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} [الأحزاب: ١٠] من قبل المغرب من ناحية مكة، أبو سفيان في قريش ومن تبعه، {وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ} [الأحزاب: ١٠] مالت عن كل شيء فلم تنظر إلا إلى عدوها مقبلا من كل جانب، {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [الأحزاب: ١٠] الحنجرة جوف الحلقوم، قال قتادة: شخصت عن مكانها، فلولا أنه حنتق الحلقوم عنها أن تخرج لخرجت، والمعنى ما ذكره الفراء: وهو أنهم جنود، جزع أكثرهم، وسبيل الجبان إذا اشتد خوفه أن تنتفخ رئته، فإذا انتفخت الرئة رفعت القلوب إلى الحنجرة، ولهذا يقال للجبان انتفخ سحره.

قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: قلت يوم الخندق: يا رسول الله، هل من شيء نقوله فقد بلغت القلوب الحناجر؟ قال: " قولوا: اللهم استر عوارتنا، وآمن روعاتنا ".

قال: فقلناها فضرب الله وجوه أعدائه بالريح وهزموا.

{وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} [الأحزاب: ١٠] أي: اختلفت الظنون، فظن بعضكم بالله النصر ورجاء الظفر، وبعضكم أيس وقنط.

قال الحسن: ظنونا مختلفة، ظن المنافقون أنه يستأصل محمد عليه السلام، وظن المؤمنون أنه ينصر.

{هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا {١١} وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا {١٢} وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلا فِرَارًا {١٣} وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلا يَسِيرًا {١٤} وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولا {١٥} قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لا تُمَتَّعُونَ إِلا قَلِيلا {١٦}

<<  <  ج: ص:  >  >>