نفاقهم، {وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [الأحزاب: ٦٠] يعني الفجور، وهم الزناة، {وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ} [الأحزاب: ٦٠] وهم قوم كانوا يوقعون الأخبار بما يكره المؤمنون، يقولون: قد أتاكم العدو، ويقولون لسراياهم: قد قتلوا وهزموا.
لنغرينك بهم قال ابن عباس: لنسلطنك عليهم.
والمعنى: أمرناك بقتالهم حتى تقتلهم وتخلي عنهم المدينة.
وهو قوله: {ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلا} [الأحزاب: ٦٠] أي: لا يساكنوك في المدينة إلا يسيرا حتى يهلكوا.
ملعونين مطرودين مبعدين عن الرحمة، أينما ثقفوا وجدوا وأدركوا، {أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا} [الأحزاب: ٦١] أي: الحكم فيهم هذا على جهة الأمر به.
{سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ} [الأحزاب: ٦٢] قال الزجاج: سن الله في الذين ينافقون الأنبياء ويرجفون بهم أن يقتلوا حيث ما ثقفوا، ولا يبدل الله سنته فيهم، وهو قوله: {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا} [الأحزاب: ٦٢] هكذا سنة الله فيهم إذا أظهروا النفاق.
{يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا {٦٣} إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا {٦٤} خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا {٦٥} يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا {٦٦} وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا {٦٧} رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا {٦٨} } [الأحزاب: ٦٣-٦٨] قوله: {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ} [الأحزاب: ٦٣] قال الكلبي: سأل أهل مكة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الساعة وعن قيامها، فقال الله: {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ} [الأحزاب: ٦٣] أيّ شيء يعلمك أمر الساعة، ومتى يكون قيامها؟ أي: أنت لا تعرفه، ثم قال: {لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} [الأحزاب: ٦٣] وما بعد هذا ظاهر إلى قوله: وقالوا ربنا إنا أطعنا ساداتنا وكبراءنا أشرافنا وعظماءنا، قال مقاتل: هم المطعمون في غزوة بدر.
فأضلونا عن سبيل الهدى، يقرأ سادتنا وكلاهما جمعان، وسادة أحسن، والعرب لا تكاد تقول سادات.
ثم قالوا: ربنا آتهم يعنون السادة، {ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ} [الأحزاب: ٦٨] عذبهم مثلي عذابنا، {وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا} [الأحزاب: ٦٨] يعني اللعن على أثر اللعن، أي: مرة بعد مرة، وقرأ بها عاصم بالياء على وصف اللعن بالكبر.
قال الكلبي: يقول عذبهم عذابا كبيرا.
قوله: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} [الأحزاب: ٦٩] {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى} [الأحزاب: ٦٩] قال قتادة: وعظ الله المؤمنين ألا تؤذوا محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما آذى بنو إسرائيل موسى.
وهو ما:
٧٦٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الزِّيَادِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، نا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، نا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى سَوْءَةِ بَعْضٍ، وَكَانَ مُوسَى يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ، مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلا أَنَّهُ آدَرُ، فَذَهَبَ مَرَّةً يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ، فَجَمَعَ مُوسَى فِي أَثَرِهِ يَقُولُ: ثَوْبِي، حَجَرُ، ثَوْبِي، حَجَرُ، حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى سَوْءَةِ مُوسَى، فَقَالُوا: وَاللَّهِ، مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ، قَالَ: فَقَامَ الْحَجَرُ بَعْدَ مَا نَظَرَ إِلَيْهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاللَّهِ، إِنَّهُ نَدَبٌ بِالْحَجَرِ سِتَّةٌ، أَوْ سَبْعَةٌ، ضَرْبُ مُوسَى بِالْحَجَرِ "، رَوَاهُ