مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَهَذَا قَوْلُ جَمِيعِ الْمُفَسِّرِينَ
وروي آخر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو:
٧٦٥ - مَا أَخْبَرَنَا أَبُو حَلِيمٍ الْجُرْجَانِيُّ، فِيمَا أَجَازَ لِي، أنا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا، أنا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، نا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ، نا عَبَّادٌ، نا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَلِيٍّ فِي قَوْلِهِ: {لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى} قَالَ: صَعِدَ مُوسَى وَهَارُونَ، عَلَيْهِمَا السَّلامُ، الْجَبَلَ، فَمَاتَ هَارُونُ، فَقَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ: أَنْتَ قَتَلْتَهُ، وَكَانَ أَشَدَّ حَسَبًا لَنَا مِنْكَ، وَأَلْيَنَ لَنَا مِنْكَ، وَآذَوْهُ بِذَلِكَ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْمَلائِكَةَ فَحَمَلْتُه حَتَّى مَرُّوا بِهِ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَتَكَلَّمَتِ الْمَلائِكَةُ بِمَوْتِهِ حَتَّى عَرَفَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ
وقوله: {وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} [الأحزاب: ٦٩] يقال: وجه الرجل يوجه وجاهة فهو وجيه إذا كان ذا وجاه وقدر.
قال ابن عباس: كان عند الله حظيا، لا يسأله شيئا إلا أعطاه.
وقال الحسن: كان مستجاب الدعوة.
{يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا {٧٠} يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا {٧١} } [الأحزاب: ٧٠-٧١] {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: ٧٠] قال ابن عباس: صوابا.
قال الحسن: صادقا.
يعني كلمة التوحيد لا إله إلا الله، أمر الله المؤمنين بالتوحيد والتقوى، ووعد عليهم أن يصلح أعمالهم، فقال: {يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [الأحزاب: ٧١] قال ابن عباس: يقبل حسناتكم.
وقال مقاتل: يزكي أعمالكم.
{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب: ٧١] فيما يأمرانه، {فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: ٧١] قال: الخير كله وظفر به.
قوله: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا {٧٢} لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {٧٣} } [الأحزاب: ٧٢-٧٣] {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [الأحزاب: ٧٢] الآية، معنى الأمانة ههنا في قول جميع المفسرين: الطاعة والفرائض التي يتعلق بأدائها الثواب وبتضييعها العقاب.
روى أبو بكر الهذلي، عن الحسن في هذه الآية، قال: عرضت الأمانة على السموات السبع الطباق التي زينت بالنجوم وحملت العرش العظيم، فقيل لهن: تأخذن الأمانة بما فيها.
قلن: وما فيها؟ قيل: إن أحسنتن جزيتن، وإن أسأتن عوقبتن.
قلن: لا.
ثم عرضت على الجبال الشم الشوامخ البواذخ الصلاب الصعاب، فقيل لهن: أتأخذن الأمانة بما فيها؟ قلن: وما فيها؟ قيل: إن أحسنتن جزيتن، وإن أسأتن عوقبتن.
قلن: لا.
فذلك قوله: {فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا} [الأحزاب: ٧٢] وقال ابن جريج: قالت السماء: يا رب، خلقتني وجعلتني سقفا محفوظا، وأجريت في الشمس والقمر والنجوم، لا أتحمل فريضة، ولا أبغي ثوابا ولا عقابا.
وقالت الأرض: جعلتني بساطا ومهادا، وشققت فيّ الأنهار، وأنبت فيّ الأشجار، لا أتحمل فريضة، ولا أبغي ثوابا ولا عقابا.
وإنما كان العرض على أعيان هذه الأشياء بأن ركب الله تعالى فيهن العقل وأفهمهن خطابه حتى فهمن وأنطقهن بالجواب.
ومعنى قوله: {فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا} [الأحزاب: ٧٢] أي: مخافة وخشية لا معصية ومخالفة، والعرض كان تخييرا لا إلزاما، وقوله: