للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [يس: ٦٣] بها في الدنيا.

اصلوها قاسوا حرها، اليوم يعني يوم القيامة، {بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} [يس: ٦٤] بكفركم بها في الدنيا.

اليوم نختم الآية، قال المفسرون: إنهم ينكرون الشرك وتكذيب الرسل.

وقالوا: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: ٢٣] فختم الله على أفواههم وتكلمت جوارحهم بإذن الله لها في الكلام فشهدت عليهم بما عملوا.

قوله: {وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ} [يس: ٦٦] أذهبنا أعينهم وجعلناها بحيث لا يبدو لها شق ولا جفن، يهددهم الله بهذا كقوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ} [البقرة: ٢٠] يقول: كما أعمينا قلوبهم لو شئنا أعمينا أبصارهم الظاهرة.

فاستبقوا الصراط فتبادروا إلى الطريق، فأنى يبصرون فكيف يبصرون وقد أعمينا أبصارهم.

{وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ} [يس: ٦٧] على مكانهم الذي هم فيه قعود، يقول: لو شئت لمسختهم حجارة في منازلهم ليس فيها أرواح.

{فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ} [يس: ٦٧] لا يقدرون على ذهاب ولا مجيء.

{وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ {٦٨} وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ وَقُرْءَانٌ مُبِينٌ {٦٩} لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ {٧٠} } [يس: ٦٨-٧٠] {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ} [يس: ٦٨] بالتشديد والتخفيف، يقال: نكسته وأنكسته، وأنكسته وأنكسته.

وذكرنا معنى النكس في قوله: {ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ} [الأنبياء: ٦٥] قال الزجاج: من أطلنا عمره نكسنا خلقه، فصار بدل القوة الضعف، وبدل الشباب الهرم.

أفلا يعقلون أليس لهم عقل فيعتبروا فيعلموا أن الذي قدر على هذا من تصريف أحوال الإنسان قادر على البعث بعد الموت، ومن قرأ بالتاء فهو مخاطبة للكفار.

قوله: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ} [يس: ٦٩] قال الكلبي: إن كفار مكة قالوا: إن القرآن شعر، وإن محمدا شاعر.

فقال الله تكذيبا لهم: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: ٦٩] الشعر أي: ما يستهل له ذلك، وما يتزن له بيت شعر حتى إذا مثل له بيت شعر جرى على لسانه منكسرا.

٧٨٢ - أَخْبَرَنِي أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ، إِجَازَةً، نا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ كَيْسَانَ، نا إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي، نا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ يَتَمَثَّلُ بِهَذَا الْبَيْتِ: «كَفَى الإِسْلامُ وَالشَّيْبُ لِلْمَرْءِ نَاهِيًا» ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا قَالَ الشَّاعِرُ: كَفَى الشَّيْبُ وَالإِسْلامُ لِلْمَرْءِ نَاهِيًا، أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، مَا عَلَّمَكَ الشِّعْرَ، وَمَا يَنْبَغِي لَكَ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَتَمَثَّلُ بِبَيْتِ أَخِي بَنِي قَيْسٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>