للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال قتادة: الدين الخالص شهادة أن لا إله إلا الله.

{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} [الزمر: ٣] يعني الآلهة والأصنام، يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: ٣] إلا ليشفعوا لنا إلى الله، وذلك التقريب هو الشفاعة في قول المفسرين، والزلفى القربى، وهو اسم أقيم مقام المصدر، كأنه قال: {إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ} [الزمر: ٣] تقريبا.

{إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} [الزمر: ٣] بين أهل الأديان، وهم الذين اتخذوا من دونه أولياء، يحكم الله بينهم يوم القيامة، {فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الزمر: ٣] من أمر الدين، كل يقول: الحق ديني، فهم مختلفون، وحكم الله بينهم أن يعذب كلا على قدر استحقاقه.

ثم أخبر أن هؤلاء لا يهديهم الله، فقال: {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [الزمر: ٣] لا يرشد لدينه من كذب في زعمه أن الآلهة تشفع وكفر في اتخاذ الآلهة دونه، وهذا فيمن سبق عليه القضاء بحرمان الهداية.

{لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} [الزمر: ٤] على ما يزعم من ينسب الله تعالى إلى اتخاذ الولد، {لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} [الزمر: ٤] يعني الملائكة، كما قال الله تعالى: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا} [الأنبياء: ١٧] ، ثم أعلم أنه منزه عن اتخاذ الولد، فقال: سبحانه تنزيها له عن ذلك، {هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ} [الزمر: ٤] لا شريك له، ولا صاحبة، ولا ولد القهار لخلقه، قهر ما خلق بالموت، وهو حي لا يموت.

{خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ {٥} خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ {٦} } [الزمر: ٥-٦] قوله: {خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ} [الزمر: ٥] أي: لم يخلقهما باطلا لغير شيء، {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ} [الزمر: ٥] يدخل هذا على هذا، والتكوير: طرح الشيء بعضه على بعض، يقال: كور المتاع إذا ألقى

<<  <  ج: ص:  >  >>