السَّبِيلِ} [غافر: ٣٧] قال ابن عباس: صده الله عن سبيل الهدى.
ومن قرأ: وصد بنى الفعل لفرعون، أراد وصد فرعون الناس عن السبيل، {وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ} [غافر: ٣٧] في إبطال آيات موسى، {إِلا فِي تَبَابٍ} [غافر: ٣٧] خسار وهلاك.
ثم عاد الكلام إلى ذكر نصيحة المؤمن لقومه، وهو قوله: {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر: ٣٨] طريق الهدى.
{يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} [غافر: ٣٩] يعني: الحياة في هذه الدار، متاع يتمتع بها أياما، ثم تنقطع، {وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} [غافر: ٣٩] التي تستقر فلا تزول.
{مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً} [غافر: ٤٠] يعني: الشرك، {فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا} [غافر: ٤٠] في العظم، يعني: النار، {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا} [غافر: ٤٠] قال ابن عباس: يريد قول: لا إله إلا الله.
{مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ} [غافر: ٤٠] مصدق بالله وبجميع الأنبياء، {فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ} [غافر: ٤٠] قال مقاتل: يقول: لا تبعة عليهم فيما يعطون في الجنة من الخير.
ثم قال: {وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ {٤١} تَدْعُونَنِي لأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ {٤٢} لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ {٤٣} فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ {٤٤} فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ {٤٥} النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ {٤٦} } [غافر: ٤١-٤٦] .
{وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ} [غافر: ٤١] أي: ما لكم، كما تقول: ما لي أراك حزينا، معناه: ما لك.
يقول: أخبروني عنكم كيف هذه الحال، {أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ} [غافر: ٤١] من النار، بالإيمان بالله، {وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ} [غافر: ٤١] إلى الشرك الذي يوجب النار.
ثم فسر الدعوتين، فقال: {تَدْعُونَنِي لأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ} [غافر: ٤٢] بأنه شريك له، {وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ} [غافر: ٤٢] في انتقامه ممن كفر، الغفار لذنوب أهل التوحيد.
لا جرم حقا، {أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} [غافر: ٤٣] من المعبودين من دون الله، {لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ} [غافر: ٤٣] قال السدي: لا يستجيب لأحد لا في الدنيا، ولا في الآخرة.