للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هُوَ السَّمِيعُ} [غافر: ٥٦] لقولهم، البصير بهم.

ثم نبه على عظم قدرته، بقوله: {لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [غافر: ٥٧] مع عظمهما، وكثرة أجزائهما، ووقوفهما من غير عمد، وجريان الأفلاك بالكواكب من غير سبب، أعظم في النفس، وأهول في الصدر، {مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} [غافر: ٥٧] وإن كان عظيما بالحواس المهيأة للإدراك، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [غافر: ٥٧] يعني: الكفار حين لا يستدلون بذلك على توحيد خالقهما.

ثم ضرب مثل الكافر والمؤمن، فقال: وما يستوي إلى قوله: {قَلِيلا مَا تَتَذَكَّرُونَ} [غافر: ٥٨] يعني: الكفار، يقول: قل نظرهم فيما ينبغي أن ينظروا فيه مما دعوا إليه.

وقرأ أهل الكوفة بالتاء، أي: قل لهم ذلك.

قوله: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {٦٠} اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ {٦١} ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ {٦٢} كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ {٦٣} اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ {٦٤} هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {٦٥} } [غافر: ٦٠-٦٥] .

وقال ربكم قال مقاتل: يعني: لأهل الإيمان.

{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠] قال ابن عباس: وحدوني واعبدوني أثبكم.

ويدل على صحة هذا التفسير:

٨٠٩ - مَا أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ رُحَيمٍ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْسِيُّ، أنا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ يَسِيعَ الْحَضْرَمِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠] الآية.

والدعاء بمعنى: العبادة

<<  <  ج: ص:  >  >>