كثير في التنزيل، ولما عبر عن العبادة بالدعاء، جعل الإثابة استجابة ليتجانس اللفظ، ويدل على هذه الجملة قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: ٦٠] صاغرين ذليلين.
ثم ذكرهم النعم، فقال: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ} [غافر: ٦١] الآية، وما بعد هذا ظاهر إلى قوله: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ قَرَارًا} [غافر: ٦٤] أي: موضع قرار، كما قال: {فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ} [الأعراف: ٢٥] .
والسماء بناء سقفا كالقبة، {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} [غافر: ٦٤] قال مقاتل: خلقكم فأحسن خلقكم.
وقال ابن عباس: خلق ابن آدم قائما معتدلا، يأكل بيده ويتناول بيده، وكل ما خلق الله يتناول بفيه.
وقال الزجاج: خلقكم أحسن الحيوان كله.
{وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [غافر: ٦٤] يعني: من غير رزق الدواب، {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ} [غافر: ٦٤] الذي فعل ذلك الذي ذكر كله، وروى مجاهد، عن ابن عباس، قال: من قال: لا إله إلا الله، فليقل على أثرها: الحمد لله رب العالمين.
يريد قول الله تعالى: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [غافر: ٦٥] .
{قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِي الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ {٦٦} هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ {٦٧} هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ {٦٨} } [غافر: ٦٦-٦٨] .
قوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ} [غافر: ٦٧] الآية أكثرها مفسر في { [الحج، وقوله:] وَلِتَبْلُغُوا أَجَلا مُسَمًّى} [سورة غافر: ٦٧] قال ابن عباس: يريد أجل الحياة إلى الموت، فلكل أجل حياته تنتهي إليه.
ولعلكم تعقلون ولكي تعقلوا توحيد ربكم، وقدرته في خلقكم وله.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ {٦٩} الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ {٧٠} إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ {٧١} فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ