{وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ}[الفتح: ٦] من أهل المدينة، والمشركين والمشركات من أهل مكة، أي: بأيدي المؤمنين، لأن نصرة الرسول والفتح عليه يقتضي ذلك، {الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ}[الفتح: ٦] هو أنهم ظنوا أن محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا ينصر، {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ}[الفتح: ٦] أي: العذاب والهلاك يقع بهم، وقد تقدم الكلام في هذا.
ليؤمنوا بالله يعني: من آمن به وصدقه، ومن قرأ بالتاء فمعناه: قل لهم: لتؤمنوا به، وتعزروه وتعينوه، وتنصروه بالسيف واللسان، وتوقروه تعظموه وتبجلوه، {وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا}[الفتح: ٩] تصلوا لله بالغداة والعشي، وكثير من القراء اختاروا الوقف على: وتوقروه لاختلاف الكناية فيه، وفيما بعده.
قوله:{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ}[الفتح: ١٠] يعني: بيعة الرضوان بالحديبية، بايعوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ألا يفروا ويقاتلوا، {إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ}[الفتح: ١٠] لأنهم باعوا أنفسهم من الله بالجنة، والعقد كان مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}[الفتح: ١٠] نعمة الله في الهداية فوق أيديهم في الطاعة، أي: إحسان الله إليهم بأن هداهم للإيمان، أبلغ وأتم من إحسانهم إليك بالنصرة والبيعة.
وقال ابن كيسان: قوة الله ونصرته فوق قوتهم ونصرتهم.
أي: ثق بنصرة الله لك، لا بنصرتهم وإن بايعوك، فمن نكث نقض ما عقد من البيعة، {فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ}[الفتح: ١٠] يرجع ضرر ذلك النقض عليه، قال ابن عباس: وليس له الجنة، ولا كرامة.
ومن أوفى ثبت على الوفاء، {بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ}[الفتح: ١٠] من البيعة، {فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}[الفتح: ١٠] يعني: الجنة فما فوقها.