{سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعْرَابِ}[الفتح: ١١] وهم: الذين خلفهم الله عن صحبة رسوله حين خرج عام الحديبية: شغلتنا عن الخروج معك، أموالنا وأهلونا يعني: النساء والذراري، أي: لم يكن لنا من يخلفنا فيهم، فاستغفر لنا تخلفنا عنك، {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ}[الفتح: ١١] أي: من أمر الاستغفار، لا يبالون استغفر لهم النبي أم لا، {قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا}[الفتح: ١١] قال ابن عباس: فمن يمنعكم من عذاب الله.
{إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا}[الفتح: ١١] يعني: سوءا، وقرئ بضم الضاد وهو سوء الحال، {أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا}[الفتح: ١١] يعني: الغنيمة، وذلك أنهم ظنوا أن تخلفهم عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدفع عنهم الضر، ويعجل لهم النفع بالسلامة في أنفسهم وأموالهم، فأخبرهم الله أنه إن أراد بهم شيئًا، لم يقدر أحد على دفعه عنهم، {بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}[الفتح: ١١] كان عالمًا بما كنتم تعملون في تخلفكم.
{بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا}[الفتح: ١٢] ظننتم أنهم لا يرجعون إلى من خلفوا بالمدينة من الأهل والأولاد، لأن العدو يستأصلهم، {وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ}[الفتح: ١٢] زين الشيطان ذلك الظن في قلوبكم، قال قتادة: ظنوا بنبي الله، وأصحابه أنهم لن يرجعوا من وجههم ذلك، وأنهم سيهلكون، فذلك الذي خلفهم.
وهو قوله {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا}[الفتح: ١٢] هلكى، لا تصلحون لخير، قال الزجاج: هالكين عند الله.
وقد تقدم تفسيره.
وما بعد هذا ظاهر، إلى قوله: {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلا