للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي موسى أيضًا، {إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} [الذاريات: ٣٨] بحجة ظاهرة، وهي العصا.

فتولى بركنه أي: بجمعه، وجنده الذي كان يتقوى بهم، كالركن الذي يقوى البنيان، والباء في بركنه للتعدية، أي: جعلهم يتولون، وقال لموسى، {سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ {٣٩} فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ} [الذاريات: ٣٩-٤٠] فطرحناهم في البحر، يعني: حين أغرقهم، وهو مليم أتى ما يلام عليه، حين ادعى الربوبية، وكذب الرسول.

{وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ {٤١} مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ {٤٢} وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ {٤٣} فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ {٤٤} فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ {٤٥} وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ {٤٦} } [الذاريات: ٤١-٤٦] .

وفي عاد أيضًا آية، أي: في إهلاكهم، وهو قوله: {إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} [الذاريات: ٤١] وهي التي لا خير فيها، ولا بركة: لا تلقح شجرًا، ولا تحمل مطرًا، إنما هي ريح الإهلاك.

ثم وصفها، فقال: {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ} [الذاريات: ٤٢] من أنفسهم، وأنعامهم، وأموالهم، {إِلا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} [الذاريات: ٤٢] كالشيء الهالك البالي، وهو نبات الأرض إذا يبس وديس.

وفي ثمود أيضًا، {إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا} [الذاريات: ٤٣] وذلك أنهم لما عقروا الناقة، قال لهم صالح: تمتعوا ثلاثة أيام.

وهو قوله: {تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ} [الذاريات: ٤٣] .

فأخذتهم الصاعقة بعد مضي الأيام الثلاثة، وهي: الموت في قول ابن عباس، وقال مقاتل: يعني: العذاب.

والصاعقة: كل عذاب مهلك، وقرأ الكسائي: الصعقة وهو الصوت الذي يكون عن الصاعقة، وهم ينظرون يرون ذلك عيانًا.

{فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ} [الذاريات: ٤٥] قال قتادة: من نهوض.

يعني: لم ينهضوا من تلك الصرعة، {وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ} [الذاريات: ٤٥] ممتنعين من العذاب.

{وَقَوْمَ نُوحٍ} [الذاريات: ٤٦] نصبه بالحمل على المعنى، وهو: أن قوله: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ} [الذاريات: ٤٠] يدل على إغراقهم، فكأنه قال: فأغرقناهم، أغرقنا قوم نوح من قبل، أي: من قبل هؤلاء، {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} [الذاريات: ٤٦] عاصين، خارجين عن أمر الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>