{سَنَفْرُغُ لَكُمْ}[الرحمن: ٣١] هذا وعيد من الله تعالى للخلق بالمحاسبة، ولا يشغله شأن عن شأن، وإنما حسن لفظ الفراغ لسبق ذكر الشأن، والمعنى: سنترك ذلك الشأن إلى هذا، قال الزجاج: سنقصد لحسابكم.
وهذا قول ابن الأعرابي، واختيار أبي علي الفارسي، قال: ليس الفراغ ههنا فراغًا من شغل، ولكن تأويله القصد.
والمفسرون على أن هذا تهديد منه لبعاده، وقرئ بالياء سيفرغ لتقدم قوله:{وَلَهُ الْجَوَارِ}[الرحمن: ٢٤] ، {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ}[الرحمن: ٢٧] ، وقوله:{أَيُّهَ الثَّقَلانِ}[الرحمن: ٣١] يعني: الجن والإنس، يدل عليه قوله:{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا}[الرحمن: ٣٣] أي: تخرجوا، يقال: نفذ الشيء من الشيء إذا أخلص منه، كالسهم ينفذ من الرمية، {مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}[الرحمن: ٣٣] جوانبها ونواحيها، واحدها: قطر، والمعنى: إن استطعتم أن تهربوا من الموت، بالخروج من أقطار السموات والأرض، فاهربوا واخرجوا منها، والمعنى: أنكم حيث ما كنتم أدرككم الموت، كما قال الله