للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن عباس: ليس أحد إلا وهو يفرح ويحزن، ولكن اجعلوا للمصيبة صبرًا، وللخير شكرًا.

{وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد: ٢٣] ذم للفرح الذي يختال فيه صاحبه، ويبطر.

{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} [الحديد: ٢٤] مفسر في { [النساء، ومن يتول أي: عن الإيمان، فإن الله غني عن عبادته، حميد إلى أوليائه، وقرأه العامة:] فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ} [سورة الحديد: ٢٤] وقرأ ابن عامر فإن الله الغني، فمن أثبت هو كان فصلًا ولم يكن مبتدأ، ومن حذف قال: فلأن الفصل حذفه سهل، ألا ترى أنه لا موضع للفصل من الإعراب، فحذفه لا يخل بالمعنى.

قوله: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحديد: ٢٥] .

{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ} [الحديد: ٢٥] بالآيات والحجج، {وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ} [الحديد: ٢٥] الذي يتضمن الأحكام، والميزان قال قتادة، ومقاتل بن حيان: الميزان العدل.

ويكون المعنى: وأمرنا بالعدل، وهذا كقوله: {اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ} [الشورى: ١٧] وقال مقاتل بن سليمان: هو ما يوزن به.

ويكون المعنى على هذا القول: ووضعنا الميزان، أي: أمرنا به، كقوله: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ} [الرحمن: ٧] ، {لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: ٢٥] ليتبعوا ما أمروا به من العدل، فيعاملوا بينهم بالنصفة، {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ} [الحديد: ٢٥] روى ابن عمر، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: «إن الله عز وجل أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض، أنزل الحديد، والنار، والماء، والملح» .

وقال أهل المعاني: معنى وأنزلنا الحديد: أنشأناه وأحدثناه، كقوله تعالى: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الزمر: ٦] .

وهذا معنى قول مقاتل: بأمرنا كان الحديد.

وقال قطرب: معنى أنزلنا ههنا: هيأنا، وخلقنا من النزل، وهو ما يهيأ للضيف.

والمعنى: أنعمنا بالحديد، وجعلناه مهيأ لكم، {فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} [الحديد: ٢٥] قال الزجاج: يمتنع به ويحارب.

والمعنى أنه يتخذ منه آلتان للحرب، آلة الدفع، وآلة الضرب، كما قال مجاهد: فيه جنة وسلاح.

ومنافع للناس ما ينتفعون به في

<<  <  ج: ص:  >  >>