للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

متناجين، قالوا: لعلهم يتناجون بما بلغهم عن إخواننا الذين خرجوا في السرايا قتل، أو موت، أو هزيمة، قال الله تعالى: {وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا} [المجادلة: ١٠] وليس الشيطان بضارهم شيئًا، {إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ} [المجادلة: ١٠] إلا ما أراد الله ذلك، قال مقاتل: يقول: إلا بإذن الله في الضرر.

{وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [المجادلة: ١٠] أي: يكلون أمورهم على الله.

قوله: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: ١١] .

{يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا} [المجادلة: ١١] الآية، قال مقاتل بن حيان: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكرم أهل بدر، فجاء ناس منهم يومًا وقد سبقوا إلى المجلس، فقاموا حيال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينتظرون أن يوسع لهم، فلم يوسع، فشق ذلك على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال لمن حوله: قم يا فلان، قم يا فلان.

وشق ذلك على من أقيم من مجلسه، فأنزل الله تعالى الآية.

ومعنى: تفسحوا توسعوا، وذلك: أنهم كانوا قد جلسوا متضايقين حول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منضمين إليه، فلم يجد غيرهم مجلسًا عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمروا أن يتنحوا عنه في الجلوس ويتوسعوا، ليجد غيرهم مكانًا يجلس فيه، ليتساوى الناس في الأخذ بالحظ منه، وتظهر فضيلة أهل بدر بالجلوس قرب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقرئ: في المجالس لأن لكل جالس مجلسًا، ومعناه: ليتفسح كل رجل منكم في مجلسه، والوجه التوحيد، لأنه يعنى به مجلس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقوله: فافسحوا أي: فأوسعوا، يقال: فسح يفسح فسحًا، إذا وسع في المجلس، {يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ} [المجادلة: ١١] يوسع الله لكم في الجنة، والمجالس فيها، وقوله: {وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا} [المجادلة: ١١] قال عكرمة، والضحاك: كان رجال يتثاقلون عن الصلاة، فقيل لهم: إذا نودي للصلاة، فانهضوا.

وقال مجاهد: إلى كل خير من قتال عدو، وأمر بمعروف، أو حق ما كان.

{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: ١١] قال ابن عباس: يرفع الله الذين أوتوا العلم من المؤمنين، على الذين لم يؤتوا العلم درجات.

<<  <  ج: ص:  >  >>