وهو قوله: ومعصيت الرسول وذلك: أنه نهاهم عن النجوى، فعصوه، ويجوز أن يكون الإثم والعدوان ذلك السر الذي يجري بينهم، لأنه شيء يسوء المسلمين، ويوصي بعضهم بعضًا بمعصية الرسول، وترك أمره، {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ}[المجادلة: ٨] وذلك أن اليهود كانوا يأتون النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيقولون: السام عليك.
والسام: الموت، وهم يوهمونه أنهم يقولون: السلام عليك، {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ}[المجادلة: ٨] وذلك: أنهم قالوا: لو كان محمد نبيًا، لعذبنا الله بما نقول.
قال الله تعالى:{حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ}[المجادلة: ٨] .
ثم نهى المنافقين عن التناجي، فقال:{يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ}[المجادلة: ٩] قال مقاتل: يعني: المنافقين.
وقال عطاء: يريد: آمنوا بزعمهم.
{فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ}[المجادلة: ٩] تقدم تفسيره، {وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى}[المجادلة: ٩] بالطاعة، وترك المعصية، ثم خوفهم، فقال:{وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}[المجادلة: ٩] فيجزيكم بأعمالكم، وذكر أن هذه الآية خطاب للمؤمنين، وأنهم نهوا أن يفعلوا كفعل المنافقين واليهود، وهو اختيار الزجاج.
ثم ذكر أن ما يفعله اليهود والمنافقون من جهة الشيطان، وأن ذلك لا يضر المؤمنين، فقال:{إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ}[المجادلة: ١٠] أي: من تزيين الشيطان، {لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا}[المجادلة: ١٠] أي: إنما يزين لهم ذلك، ليحزن المؤمنين، وذلك: أن المؤمنين إذا رأوهم