{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ}[الحشر: ٨] يعني: أن كفار مكة أخرجوهم، {يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ}[الحشر: ٨] رزقًا يأتيهم، ورضوانًا رضا ربهم حين خرجوا إلى دار الهجرة، {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}[الحشر: ٨] في إيمانهم.
ثم مدح الأنصار حين طابت أنفسهم عن الفيء، فقال:{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ}[الحشر: ٩] يعني: المدينة، وهي دار الهجرة، تبوأها الأنصار قبل المهاجرين، وتقدير الآية: والذين تبوءوا الدار من قبلهم والإيمان، لأن الأنصار لم يؤمنوا قبل المهاجرين، وعطف الإيمان على الدار في الظاهر لا في المعنى، لأن الإيمان ليس بمكان يتبوأ، والتقدير: وآثروا الإيمان، أو اعتقدوا الإيمان، {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ}[الحشر: ٩] لأنهم أحسنوا إلى المهاجرين، وأشركوهم في أموالهم ومساكنهم، {وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا}[الحشر: ٩] أي: حسدًا، وحزازة مما أوتي المهاجرين دونهم، ويؤثرون المهاجرين، على أنفسهم بأموالهم ومنازلهم، {وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}[الحشر: ٩] فقر وحاجة، بين الله تعالى أن إيثارهم لم يكن عن غنى وعن مال، ولكن كان حاجة، وكان ذلك أعظم لأجرهم.