للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صاحبه إذا حمله على السير السريع، وقوله: عليه أي: على ما أفاء الله من: {خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} [الحشر: ٦] وهي الإبل التي تحمل القوم، واحدتها راحلة، قال المفسرون: إن بني النضير لما جلوا عن أوطانهم، وتركوا رباعهم وضياعهم، طلب المسلمون من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يخمسها بينهم، كما فعل بغنائم بدر، فأنزل الله تعالى هذه الآية، يبين أنها في إذا لم يوجف المسلمون عليه خيلا ولا ركابًا، ولم يقطعوا إليه مسافة، {وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} [الحشر: ٦] فجعل الله تعالى أموال بني النضير لرسوله خاصة، يفعل فيها ما يشاء، فقسمها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين المهاجرين، ولم يعط الأنصار شيئا منها، إلا ثلاثة نفر كانت بهم حاجة وهم: أبو دجانة، وسهل بن حنيف، والحارث بن الصمة.

ثم ذكر حكم الفيء، فقال: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [الحشر: ٧] الآية، من أموال كفار أهل القرى، فلله يأمركم فيه بما أحب، ولرسوله بتمليك الله إياه، ولذي القربى يعني: بني هاشم وبني المطلب، لأنهم قد منعوا الصدقة، فجعل لهم حق في الفيء، {وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الحشر: ٧] أربعة أخماسه لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والباقي لهؤلاء الذي ذكرهم الله تعالى، {كَيْ لا يَكُونَ} [الحشر: ٧] الفيء، دُولَةً وهي: اسم للشيء يتداوله القوم بينهم، يكون لهذا مرة، ولهذا مرة، {بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: ٧] يعني: الرؤساء يعمل فيه كما كان يعمل في الجاهلية، قال مقاتل: يغلب الأغنياء الفقراء، فيقسمونه بينهم.

ثم قال للرؤساء: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ} [الحشر: ٧] من الفيء، فخذوه فهو لكم حلال، وما نهاكم عن أخذه، فانتهوا وهذا نازل في أمر الفيء، ثم هو عام في كل ما أمر به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونهى عنه، واتقوا الله في أمر الفيء، {إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: ٧] .

ثم بين من المساكين الذين لهم الحق، بقوله: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ {٨} وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {٩} وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ {١٠} } [الحشر: ٨-١٠] .

<<  <  ج: ص:  >  >>