بإبراهيم، فتتبرأ من أهلك، كما تبرأ إبراهيم من قومه.
وقوله {إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ}[الممتحنة: ٤] قال ابن عباس: {كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ}[الممتحنة: ٤] في صنيع إبراهيم، إلا في استغفاره لأبيه وهو مشرك.
وقال مجاهد: نهوا أن يتأسوا بإبراهيم في استغفاره للمشركين.
وهذا مذكور في آخر { [براءة، وقوله:] وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ}[سورة الممتحنة: ٤] من قول إبراهيم لأبيه، يقول: ما أغني عنك، ولا أدفع عنك عذاب الله إن أشركت به، كان من دعاء إبراهيم وأصحابه:{رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}[الممتحنة: ٤] .
وقوله:{رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا}[الممتحنة: ٥] قال الزجاج: لا تظهرهم علينا، فيظنوا أنهم على حق فيفتتنوا بذلك.
وقال مجاهد: لا تعذبنا بأيديهم ولا بعذاب من عندك، فيقولون: لو كان هؤلاء على الحق ما أصابهم هذا.
ثم أعاد الكلام في ذكر الأسوة، فقال:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ}[الممتحنة: ٦] أي: في إبراهيم، والذين معه من المؤمنين، أسوة حسنة قال ابن عباس: إنهم كانوا يبغضون من خالف الله.
وقوله:{لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ}[الممتحنة: ٦] بدل من قوله: لكم وبيان أن هذه الأسوة لمن يخاف الله، ويخاف عقاب الآخرة، وهو قوله:{وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ}[الممتحنة: ٦] يعرض عن الإيمان، ويوالي الكفار، {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ}[الممتحنة: ٦] عن خلقه، الحميد إلى أوليائه وأهل طاعته.
{عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ}[الممتحنة: ٧] أي: من كفار مكة، مودة ففعل بأن أسلم كثير منهم بعد الفتح: أبو سفيان بن حرب، وأبو سفيان بن الحارث، والحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو، وحكيم بن حزام، وكانوا من رؤساء الكفار، والمعادين لأهل الإسلام، والله قدير على جعل المودة، {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[الممتحنة: ٧] بهم بعد ما تابوا