قوله:{لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ}[الممتحنة: ٨] يعني: أهل العهد، الذين عاهدوا المؤمنين على ترك القتال والمظاهرة في العداوة، وهم خزاعة، وقوله: أن تبروهم أي: لا ينهاكم الله عن بر الذين لم يقاتلوكم، وهذا يدل على جواز البر بين المسلمين والمشركين، وإن كانت الموالاة منقطعة، وتقسطوا إليهم يقال: أقسطت إلى الرجل إذا عاملته بالعدل.
قال الزجاج: أي: وتعدلوا فيما بينكم وبينهم من الوفاء بالعهد.
ثم ذكر من الذين ينهاهم عن صلتهم، فقال:{إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ}[الممتحنة: ٩] إلى قوله: أن تولوهم أي: إنما ينهاكم الله أن تتولوا هؤلاء، يعني: أن مكاتبتهم بإظهار سر المسلمين موالاة لهم.
قوله:{يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ}[الممتحنة: ١٠] لما صالح قريشًا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الحديبية، على أن يرد عليهم من جاءهم من المسلمين، فلما هاجرت إليه النساء أبى الله أن يرددن إلى المشركين، وأمر بامتحانهن، وهو قوله: فامتحنوهن وذلك أن تستحلف ما هاجرت لبغض زوجها، ولا لحدث أحدثته، ولا خرجت عشقًا لرجل من المسلمين، وما خرجت إلا رغبة في الإسلام، هذا معنى الامتحان المأمور به، وقوله:{اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ}[الممتحنة: ١٠] أي: إن هذا الامتحان لكم، والله أعلم بهن، والأمر بالامتحان غير واجب، ولا يجوز رد المرأة إلى الكفار، إذا هاجرت إلى المسلمين، وأظهرت الإيمان، وهو قوله:{فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ}[الممتحنة: ١٠] وإنما يعلم إيمانها بإقرارها، {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ