وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: ١٠] قال ابن عباس: لم يحل الله مؤمنة لكافر، ولا نكاح كافرة لمؤمن.
وآتوهم يعني: أزواجهن الكفار، ما أنفقوا عليهن من المهر، {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}[الممتحنة: ١٠] أباح الله نكاحها بشرط المهر، لأن الإسلام فرق بينها وبين زوجها الكافر، {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}[الممتحنة: ١٠] يقول: لا تعتد بامرأتك الكافرة، فإنها ليست لك بامرأة، يعني: من كانت له امرأة كافرة بمكة فلا يعتد بها، فقد انقطعت عصمة الزوجية بينهما، قال ابن عباس: يريد بالعصمة: النكاح فيما بينهما.
{وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ}[الممتحنة: ١٠] أي: إن لحقت امرأة منكم بأهل العهد من الكفار مرتدة، فاسألوهم ما أنفقتم من المهر إذا منعوها، ولم يدفعوها إليكم، فعليهم أن يغرموا لها صداقها كما يغرم لهم، وهو قوله:{وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ}[الممتحنة: ١٠] يعني: ما ذكر في هذه الآية.
فإن كانوا أهل حرب ولم يكونوا أهل عهد، فالحكم ما ذكر في قوله:{وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ}[الممتحنة: ١١] قال المفسرون: فغنمتم.
قال الزجاج: تأويله: فكانت العقبي لكم، أي: كانت الغلبة لكم حتى غنمتم.
ومعنى الآية: فغنمتم من العدو شيئًا بأن صارت العاقبة في الظفر لكم، فاعطوا الأزواج من رأس الغنيمة ما أنفقوا عليهن من المهر، وهو قوله:{فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا}[الممتحنة: ١١] .
قوله:{يَأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ}[الممتحنة: ١٢] لما فتح رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة، جاءته النساء يبايعنه، فأنزل الله هذه الآية، وشرط في مبايعتهن أن يأخذ عليهن هذه الشروط، وهو قوله:{أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا}[الممتحنة: ١٢] فكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبايعهن وهو على الصفا، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه أسفل منه، وهند بنت عتبة متنقبة متنكرة مع النساء، خوفًا أن يعرفها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئًا.
فقالت هند: إنك لتأخذ علينا أمرًا، ما رأيناك أخذته على الرجال.