قوله:{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي}[الصف: ٥] يعني: حين رموه بالأدرة، وذكرنا ذلك عند قوله:{لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى}[الأحزاب: ٦٩] ، {وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ}[الصف: ٥] هذا إنكار عليهم إيذاءه بعد ما علموا أنه رسول الله، والرسول يعظم ولا يؤذى، وقوله: فلما زاغوا قال مقاتل: عدلوا عن الحق.
{أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}[الصف: ٥] أمالها عن الحق، يعني: أنهم تركوا الحق بإيذاء نبيهم، أمال الله قلوبهم عن الحق، جزاء لما ارتكبوا، {وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}[الصف: ٥] قال الزجاج: لا يهدي من سبق في علمه أنه فاسق.
وما بعد هذا مفسر فيما سبق إلى قوله:{وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}[الصف: ٦] هذا بيان أن عيسى بشر قومه بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقوله:{اسْمُهُ أَحْمَدُ}[الصف: ٦] يحتمل معنيين: أحدهما: أن نجعل أحمد مبالغة من الفاعل، فيكون معناه: أنه أكثر حمدًا لله من غيره، والآخر: أن يجعل مبالغة من المفعول، فيكون معناه: أنه يحمد بما فيه من الأخلاق، والمحاسن أكثر مما يحمد غيره، وأحمد معروف في أسماء نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
{يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}[الصف: ١٠] نزل هذا لما قالوا: لو نعلم أي الأعمال أفضل وأحب إلى الله.
وجعل ذلك العمل بمنزلة التجارة، لأنهم يربحون فيها رضا الله تعالى، ونيل جنته،