والنجاة من النار.
ثم بين تلك التجارة ما هي، فقال: {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الصف: ١١] إلى قوله: {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [الصف: ١٢] قال الزجاج: هذا جواب تؤمنون وتجاهدون، لأن معناه الأمر، كأنه قال: آمنوا بالله ورسوله، وجاهدوا يغفر لكم.
وقوله: وأخرى تحبونها قال الفراء: وخصلة أخرى تحبونها في العاجل مع ثواب الآخرة.
{نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ} [الصف: ١٣] قال الكلبي: يعني: النصر على قريش، وفتح مكة.
وقال عطاء: يريد فتح فارس والروم.
وبشر يا محمد، المؤمنين بالنصر في الدنيا، والجنة في الآخرة.
ثم حض المؤمنين على نصرة دينه، فقال: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} [الصف: ١٤] .
{يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ} [الصف: ١٤] أي: دوموا على ما أنتم عليه من النصرة، واختار أبو عبيدة قراءة من قرأ: كونوا أنصار الله بغير تنوين، كقوله: {نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ} [الصف: ١٤] ، ولم يقل: أنصارًا لله، قوله: {كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ} [الصف: ١٤] أي: انصروا دين الله، مثل نصرة الحواريين لما قال لهم عيسى: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} [الصف: ١٤] أي: من ينصرني مع الله؟ فقالوا: {نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ} [الصف: ١٤] .
{فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ} [الصف: ١٤] قال ابن عباس: يعني: في زمن عيسى.
وذلك أنه لما رفع تفرق قومه ثلاث فرق، فرقة قالوا: كان الله فارتفع.
وفرقة قالوا: كان ابن الله فرفعه إليه.
وفرقة قالوا: كان عبد الله ورسوله فرفعه إليه.
وهم المؤمنون، واتبع كل فرقة منهم طائفة من الناس، فاقتتلوا فظهرت الفرقتان الكافرتان على المؤمنين، حتى بعث محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فظهرت الفرقة المؤمنة على الكافرة، فذلك قوله: {فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} [الصف: ١٤] غالبين عالين، وروى مغيرة، عن إبراهيم، قال: أصبحت حجة من آمن بعيسى ظاهرة بتصديق محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن عيسى كلمة الله، وروحه.