تعقل ولا تفهم، وكذلك المنافقون لا يسمعون الإيمان ولا يعقلونه، قال الزجاج: وصفهم بتمام الصور، وحسن الإبانة، ثم أعلم أنهم في تركهم التفهم، والاستبصار بمنزلة الخشب.
وقوله: مسندة أي: ممالة إلى الجدار، من قولهم: أسندت الشيء.
أي: أملته، والتفعيل للتكثير، لأنه صفة خشب، وهي جمع، وأراد أنها ليست بأشجار تثمر وتنمو، أو تحسن منظرها، بل هي خشب مسندة إلى حائط، ثم عابهم بالجبن، فقال:{يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ}[المنافقون: ٤] لا يسمعون صوتًا إلا ظنوا أنهم قد أوتوا، إن نادى مناد في العسكر، أو انفلتت دابة، أو نشدت ضالة، ظنوا أنهم هم المرادون، مما في قلوبهم من الرعب أن يكشف الله أسرارهم، ثم أخبر بعداوتهم، فقال:{هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ}[المنافقون: ٤] أي: احذر أن تأمنهم على سرك، لأنهم عيون لأعدائك من الكفار، {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}[المنافقون: ٤] مفسر في { [براءة.
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ}[المنافقون: ٥] وذلك: أن عبد الله بن أبيّ لما رجع من أحد بكثير من الناس، مقته المسلمون وعنفوه، فقال له بنو أبيه: إيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى يستغفر لك.
فقال: لا أذهب إليه، ولا أريد أن يستغفر لي.
فذلك قوله: لووا رءوسهم قال مقاتل: عطفوا رءوسهم رغبة عن الاستغفار.
ورأيتهم يصدون عن الاستغفار، وهم مستكبرون متكبرون عن استغفار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهم.
ثم ذكر أن استغفاره لا ينفعهم، فقال:{سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ}[المنافقون: ٦] الآية.