للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اجْهَرُوا بِهِ} [الملك: ١٣] قال ابن عباس: كانوا ينالون من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيخبره جبريل، فقال بعضهم لبعض: أسروا قولكم كيلا يسمع إله محمد.

فأنزل الله تعالى هذه الآية.

ألا يعلم ما في الصدور من خلقها، وهو اللطيف لطف علمه بما في القلوب، الخبير بما فيها من السر، والوسوسة.

{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولا} [الملك: ١٥] لم يجعلها بحيث يمتنع المشي فيها بالحزونة، والغلظ، {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} [الملك: ١٥] جبالها وإكامها، وقال مجاهد، والكلبي، ومقاتل: طرقها، وأطرافها، وجوانبها.

{وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك: ١٥] مما خلقه رزقًا لكم في الأرض، وإليه النشور وإلى الله تبعثون من قبوركم.

ثم خوف كفار مكة، فقال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ {١٦} أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ {١٧} وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ {١٨} أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ {١٩} } [الملك: ١٦-١٩] .

{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: ١٦] قال المفسرون: يعني: عقوبة من السماء، أو عذاب من في السماء.

والمعنى: من في السماء سلطانه، وملكه، وقدرته، لا بد من أن يكون المعنى هذا، لاستحالة أن يكون الله في مكان أو موصوفًا بجهة، وأهل المعاني يقولون: من في السماء هو الملك الموكل بالعذاب وهو جبريل.

والمعنى: {أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ} [الملك: ١٦] بأمره، {فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} [الملك: ١٦] تضطرب، وتتحرك، والمعنى: أن الله يحرك الأرض عند الخسف بهم حتى تضطرب وتتحرك، فتلعو عليهم، وهم يخسفون فيها، والأرض تمور فوقهم، فتقلبهم إلى أسفل.

{أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} [الملك: ١٧] كما أرسل على قوم لوط، فستعلمون في الآخرة، وعند الموت، كيف نذير أي: إنذاري إذا عاينتم العذاب.

{وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [الملك: ١٨] يعني: كفار الأمم السابقة، {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} [الملك: ١٨] أي: إنكاري عليهم بالعذاب.

{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ} [الملك: ١٩] تصف أجنحتها في الهواء، ويقبضن أجنحتها بعد البسط، وهذا معنى الطيران، وهو: بسط الأجنحة، وقبضها بعد البسط، {مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلا الرَّحْمَنُ} [الملك: ١٩] أي: في الحالين: في حال الصف، والقبض،

<<  <  ج: ص:  >  >>