قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، يَقُولُ فِي هَذِهِ الآيَةِ {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} [الحاقة: ٢٣] : يَتَنَاوَلُ الرَّجُلُ مِنَ الثَّمَرَةِ وَهُوَ نَائِمٌ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْوَاعِظُ، أنا بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي أَحْمَدُ بْنُ بِشْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَسْعُودٍ البدشي، قَالا: نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَحَدُكُمْ إِلا بِجَوَازِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ لِفُلانِ بْنِ فُلانٍ أَدْخِلُوهُ جَنَّةً عَالِيَةً، قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ» قوله: كلوا واشربوا، أي: ويقال لهم: كلوا وشربوا في الجنة، {هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ} [الحاقة: ٢٤] قدمتم من أعمالكم الصالحة، {فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة: ٢٤] الماضية، يريد: أيام الدنيا.
{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ {٢٥} وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ {٢٦} يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ {٢٧} مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ {٢٨} هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ {٢٩} خُذُوهُ فَغُلُّوهُ {٣٠} ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ {٣١} ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ {٣٢} إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ {٣٣} وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ {٣٤} فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَهُنَا حَمِيمٌ {٣٥} وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ {٣٦} لا يَأْكُلُهُ إِلا الْخَاطِئُونَ {٣٧} } [الحاقة: ٢٥-٣٧] .
{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ} [الحاقة: ٢٥] يتمنى أنه لم يؤت، لما يرى فيه من قبائح أعماله، التي يسود بها وجهه.
{وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ} [الحاقة: ٢٦] ولم أدر أي شيء حسابي، لأنه لا حاصل له في ذلك الحساب، إنما كله عليه.
{يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ} [الحاقة: ٢٧] ليت الموتة التي متها لم أحي بعدها، ومعنى القاضية: القاطعة للحياة، تمنى دوام الموت، وأنه لم يبعث للحساب.
{مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ} [الحاقة: ٢٨] لم يدفع عني من عذاب الله شيئًا.
{هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} [الحاقة: ٢٩] ضلت عني حجتي، قال مقاتل: يعني: حين شهدت عليه الجوارح بالشرك.
وحينئذ يقول الله تعالى: خذوه فغلوه اجمعوا يده إلى عنقه.
{ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ} [الحاقة: ٣١] أدخلوه الجحيم.
{ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ} [الحاقة: ٣٢] وهي: حلق منتظمة، {ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا} [الحاقة: ٣٢] قال نوف الشامي: كل ذراع سبعون باعا، كل باع أبعد مما بينك وبين مكة.
وكان في رحبة الكوفة، وقال الحسن: الله أعلم بأي ذراع هو.