تَصَدَّى} [عبس: ٦] تقبل عليه بوجهك، وتميل إليه، يقال: تصدى له.
أي: تعرض له، وفيه قراءتان: التشديد على الإدغام، والتخفيف على الحذف.
{وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى} [عبس: ٧] أي: أن لا يؤمن ولا يهتدى، والمعنى: أي شيء عليك في ألا يسلم؟ فإنه ليس عليك إلا البلاغ.
{وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى} [عبس: ٨] يعمل في الخير، يعني: ابن أم مكتوم.
وهو يخشى الله عز وجل.
{فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى} [عبس: ١٠] تتشاغل، وتعرض عنه.
كلا لا تفعل ذلك، إنها إن آيات القرآن، تذكرة تذكير للخلق.
{فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} [عبس: ١٢] قال ابن عباس: فمن شاء الله ألهمه وفهمه القرآن حتى يذكره ويتعظ به.
ثم أخبر بجلالته عنده، فقال: في صحف كتب، مكرمة قال المفسرون: يعني: اللوح المحفوظ.
مرفوعة يعني: في السماء السابعة، مطهرة لا يمسها إلا المطهرون، وهم الملائكة.
بأيدي سفرة يعني: الكتبة من الملائكة، واحدهم سافر، مثل: كاتب وكتبة، وقال الفراء: السفرة ههنا الملائكة الذين يسفرون بالوحي بين الله وبين رسله، من السفارة وهي السعي بين القوم.
ثم أثنى عليهم، فقال: كرام أي: على ربهم، بررة مطيعين، جمع بار، قال مقاتل: كان ينزل القرآن من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ليلة القدر، إلى الكتبة من الملائكة، ثم ينزل به جبريل إلى محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
{قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ {١٧} مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ {١٨} مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ {١٩} ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ {٢٠} ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ {٢١} ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ {٢٢} كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ {٢٣} فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ {٢٤} أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا {٢٥} ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا {٢٦} فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا {٢٧} وَعِنَبًا وَقَضْبًا {٢٨} وَزَيْتُونًا وَنَخْلا {٢٩} وَحَدَائِقَ غُلْبًا {٣٠} وَفَاكِهَةً وَأَبًّا {٣١} مَتَاعًا لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ {٣٢} } [عبس: ١٧-٣٢] .
قوله: قتل الإنسان يقول: لعن الكافر.
يعني: عتبة بن أبي لهب، ما أكفره ما أشد كفره بالله، قال الزجاج: معناه: اعجبوا أنتم من كفره.
ثم بين من أمره ما كان ينبغي معه أن يعلم أن الله خالقه، فقال: {مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [عبس: ١٨] لفظه استفهام، ومعناه التقرير.
ثم فسر، فقال: {مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ} [عبس: ١٩] أطوارًا نطفة، ثم علقة إلى آخر خلقه، وذكرًا أو أنثى، وشقيًا أم سعيدًا، وقال الكلبي: قدر خلقه، ورأسه، وعينيه،