وقوله: وأخر جمع أخرى، متشابهات يريد: التي تشابهت على اليهود، وهي حروف التهجي في أوائل السور، وذلك لأنهم أولوها على حساب الجمل، وطلبوا أن يستخرجوا منها مدة بقاء هذه الأمة، فاختلط عليهم واشتبه.
والمتشابه من القرآن: ما احتمل من التأويل أوجها، وسمي متشابها لأن لفظه يشبه لفظ غيره، ومعناه يخالف معناه، قال الله تعالى في وصف ثمار الجنة:{وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا}[البقرة: ٢٥] أي: متفق المناظر مختلف الطعوم.
ثم يقال لكل ما غمض ودق: متشابه.
وإن لم تقع الحيرة فيه من جهة الشبه بغيره، ألا ترى أنه قيل للحروف المقطعة في أوائل السور: متشابه.
وليس الشك فيها لمشاكلتها غيرها والتباسها به.
وقوله:{فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ}[آل عمران: ٧] أي: ميل عن الحق، وهم اليهود، طلبوا علم أجل هذه الأمة واستخراجه من الحروف المقطعة، وهو قوله:{فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ}[آل عمران: ٧] قال مجاهد: طلب اللبس ليضلوا به جهالهم.
{وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ}[آل عمران: ٧] التأويل: التفسير، ومعناه: ما يئول إليه الشيء، أي: يرجع، قال ابن عباس: وابتغاء تأويله: طلب مدة أجل أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال الله تعالى:{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ}[آل عمران: ٧] يريد: ما يعلم انقضاء مدة ملك أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا الله، لأن انقضاء ملك هذه الأمة مع قيام الساعة، ولا يعلم ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل.
ثم ابتدأ وقال:{وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}[آل عمران: ٧] أي: الثابتون فيه، والرسوخ في اللغة: الثبوت في الشيء.
وعند أكثر المفسرين: المراد بالراسخين: علماء مؤمني أهل الكتاب، قال ابن عباس ومجاهد والسدي: