قال الفراء: ومثله مما قطع مما قبله قوله: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ}[الزمر: ٦٠] ومن هذا أيضا ما أجازه سيبويه من قولهم: أين تظن زيد ذاهب.
وقوله:{يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لَكَ}[آل عمران: ١٥٤] من الشك والنفاق وتكذيب الوعد بالنصرة، {يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَهُنَا}[آل عمران: ١٥٤] يعنون: أنهم خرجوا كرها، ولو كان الأمر بيدهم لم يخرجوا.
ثم رد الله تعالى عليهم هذا الكلام بقوله تعالى:{قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ}[آل عمران: ١٥٤] أيها المنافقون، ولم تخرجوا إلى أحد، {لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ}[آل عمران: ١٥٤] يعني: لو تخلفوا عن القتال لخرج الذين كتب عليهم القتل، ولم يكن لينجيهم قعودهم.
ويريد بالمضاجع: مصارعهم للقتل إلى حيث يسقطون هناك قتلى.
وقوله:{وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ}[آل عمران: ١٥٤] قال الزجاج: أي ليختبر ما في صدوركم ليعلمه مشاهدة كما علمه غيبا، لأن المجازاة إنما تقع على ما علمه مشاهدة.