للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا مغير لحكمه، ولا خلف لموعده.

وهو السميع لتضرع أوليائه، ولقول أعدائه، العليم بما في قلوب الفريقين.

قوله: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ} [الأنعام: ١١٦] قال ابن عباس: يريد: الذين ليسوا على دينك، وهم أكثر من المؤمنين، إن تطعهم في أكل الميتة {يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام: ١١٦] دين الله الذي رضيه لك.

ذلك أن المشركين جادلوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمؤمنين في أكل الميتة، وقالوا: تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل ربكم؟ {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ} [الأنعام: ١١٦] يريد: دينهم الذي هم عليه ظن وهوى، لم يأخذوه عن بصيرة وحجة، {وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ} [الأنعام: ١١٦] يكذبون ويفترون.

قوله: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: ١١٧] قال الزجاج: موضع مَن رفع بالابتداء ولفظها لفظ الاستفهام.

المعنى: إن ربك هو أعلم أيّ الناس يضل عن سبيله.

وهذا قول الكسائي، والفراء، والمبرد، أخبر الله تعالى أنه أعلم بالفريقين: بالضالين عن سبيله والمهتدين، فيجازي كلا بما يستحق.

قوله: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١١٨] جواب لقول المشركين: تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل ربكم؟ والمعنى: كلوا مما ذكر عليه اسم الله، والميتة لم تذبح على اسم الله، فلا يجوز أكلها، وقوله: {إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ} [الأنعام: ١١٨] تأكيد أن ما أباحه الشرع فهو طيب يحل تناوله.

{وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١١٩] وأي شيء يقع لكم في ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه، {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: ١١٩] يعني: في قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] أي: بينت لكم المحرمات مفصلة مبينة، فاتركوها وكلوا مما ذبح على اسم الله.

وقوله: {إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: ١١٩] أي: دعتكم الضرورة لشدة المجاعة إلى أكله مما حرم.

{وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: ١١٩] أي: يضلون باتباع أهوائهم، والمعنى: يضلون بامتناعهم من أكل ما ذكر اسم الله عليه وغير ذلك مما لا شيء يوجبه في شرع، نحو السائبة والبحيرة ومما كان يفعله أهل الجاهلية.

ومن قرأ: ليُضلون بضم الياء، أراد: عمرو بن لحي فمن دونه من المشركين الذين اتخذوا البحائر

<<  <  ج: ص:  >  >>