للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الضحاك: سأل كل واحد من القوم أن يخص بالرسالة والوحي، كما أخبر الله تعالى عنهم في قوله: {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً} [المدثر: ٥٢] .

وقوله: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: ١٢٤] يعني: إنهم ليسوا لها بأهل، وذلك أن الوليد بن المغيرة قال: والله لئن كانت النبوة حقا لكنت أولى بها منك، لأني أكبر منك سنا وأكثر منك مالا.

فأنزل الله هذه الآية.

قال أهل المعاني: الأبلغ في تصديق الرسل أن لا يكونوا قبل مبعثهم مَطاعين في قومهم، لأن الطعن كان يتوجه إليهم فيقال: إنما كانوا أكابر ورؤساء فاتبعوا.

فكان الله أعلم حيث يجعل الرسالة ليتيم أبي طالب دون أبي جهل والوليد بن المغيرة وأكابر مكة.

وقوله: {سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ} [الأنعام: ١٢٤] قال الزجاج: أي هم وإن كانوا أكابر في الدنيا فسيصيبهم عند الله صغار ومذلة.

والصغار: المذلة، يقال منه: صغر يصغر صُغرا وصغارا فهو صاغر.

قوله: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ} [الأنعام: ١٢٥] يقال: شرح الله صدره فانشرح، أي: وسع صدره لقبول الخير فتوسع.

وقال ابن الأعرابي: الشرح: الفتح، والشرح: البيان، وقوله: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ} [الزمر: ٢٢] أي: فتحه ووسع له.

روي أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ هذه الآية فقال: " إن النور إذا دخل القلب انشرح وانفسح، فقيل له: وهل لذلك من علامة؟ قال: نعم، التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل نزول الموت ".

وقوله: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام: ١٢٥] ، وقرأ ابن كثير: ضيْقا ساكنة الياء، وهو من باب: الميْت والميّت، في أن المخفف مثل المشدد في المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>