للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والحرج: الشديد الضيق، وقد حرج صدره إذا ضاق.

وقرئ: حرِجا بكسر الراء، فمن فتح الراء كان وصفا بالمقدر، والمعنى: ذا حرج، كما قالوا: رجل دَنف، أي: ذو دنف، ومن كسر فهو نعت مثل دنِف وفرق.

والمعنى: أن قلبه غير مشروح للإيمان، قال ابن عباس: إذا سمع ذكر الله اشمأز قلبه، وإذا ذكر شيئا من عبادة الأوثان ارتاح إلى ذلك.

قوله: {كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعام: ١٢٥] أي: يتصعد في السماء، فأدغمت التاء في الصاد.

وقرأ أبو بكر: يصاعد، وهو مثل يتصعد في المعنى، وقرأ ابن كثير: يصعد من الصعود.

والمعنى: أنه في نفوره عن الإسلام وثقله عليه بمنزلة من يكلف ما لا يطيقه، كما أن صعود السماء لا يستطاع.

قال الزجاج: كأنه قد كلف أن يتصعد إلى السماء يجد من ثقل ذلك مثلما يجد من الصعود إلى السماء إذا دعي إلى الإسلام من ضيق صدره عنه.

قال ابن عباس: يقول: فكما لا يستطيع ابن آدم أن يبلغ السماء، فكذلك لا يقدر على أن يدخل التوحيد والإيمان قلبه حتى يدخله الله في قلبه.

قوله: كذلك أي: مثل ما قصصنا عليك {يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: ١٢٥] قال ابن عباس: هو الشيطان، أي: يسلطه عليهم.

وقال عطاء، وابن زيد: الرجس: العذاب.

وقال الزجاج: الرجس: اللعنة في الدنيا والعذاب في الآخرة.

وانقطع كلام القدرية لعنهم الله عند هذه الآية، وخرست ألسنتهم، فإنها قد صرحت بتعلق إرادة الله بالهداية والإضلال وتهيئة أسبابهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>