قال المفسرون: والسنين لأهل البوادي، {وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ}[الأعراف: ١٣٠] لأهل القرى {لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}[الأعراف: ١٣٠] قال الزجاج: وذلك أن أحوال الشر ترقق القلب، وترغب فيما عند الله، وفي الرجوع إليه، ألا ترى إلى قوله تعالى {وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ}[فصلت: ٥١] ، قوله تعالى:{فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ}[الأعراف: ١٣١] يعني الغيث والخصب والثمار والمواشي والألبان والسعة في الرزق والعافية والسلامة، {قَالُوا لَنَا هَذِهِ}[الأعراف: ١٣١] أي: إنا مستحقوه على العادة التي جرت لنا في سعة أرزاقنا في بلادنا، ولم يعلموا أنه من الله تعالى، فيشكروا عليه، {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ}[الأعراف: ١٣١] يعني القحط والجدب، {يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ}[الأعراف: ١٣١] يتشاءموا بهم، وقالوا: إنما أصابنا هذا الشر بشؤم موسى وقومه، قال الله تعالى:{أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ}[الأعراف: ١٣١] قال ابن عباس: شؤمهم عند الله ومن قبل الله، أي: إنما جاءهم الشؤم بكفرهم بالله، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ}[الأعراف: ١٣١] أن الذي أصابهم من الله تعالى.
قوله:{وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ}[الأعراف: ١٣٢] ، مهما كلمة تستعمل للشرط والجزاء، أصلها: ما ما، الأولى للجزاء والثانية زيدت توكيدا، كما يزاد في سائر حروف الجزاء، نحو إما، ومتى ما، ثم أبدلوا من ألف ما الأولى هاء كراهة لتكرار اللفظ فصار مهما.
هذا قول الخليل وجميع البصريين، ومعنى الآية: أنهم قالوا لموسى: متى ما أتيتنا بآية مثل اليد والعصا لتسحرنا بها: جعلوا ذلك سحرا، فإنا لنا نؤمن بك ولن نصدقك، فلما كذبوه أرسل الله عليهم أنواع العذاب، وهو قوله تعالى:{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ}[الأعراف: ١٣٣] وهو الماء الذي يغشى كل مكان،