للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أهل مكة خرجوا ولهم بغي وفخر، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهم إن قريشا أقبلت بفخرها وخيلائها لتحادك ورسولك» .

فنهى الله المؤمنين أن يكونوا مثلهم، وأمرهم بإخلاص النية والحسبة في نصرة الدين، وقوله: {وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنفال: ٤٧] أي: بمعاداة المسلمين، وتكذيب الداعي إليها، قال ابن عباس: يضلون عن دين الله.

{وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [الأنفال: ٤٧] أي: أنه عالم بما يعملون فهو يجازيهم.

قوله تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ} [الأنفال: ٤٨] قال الكلبي: يعني مسيرهم إلى بدر، {وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ} [الأنفال: ٤٨] وذلك أنهم لما أجمعوا السير خافوا بني كنانة لأنهم كانوا يطلبونهم بدم، فأتاهم إبليس في صورة سراقة بن مالك الكناني، وقال: أنا جار لكم على بني كنانة، وذلك قوله: {وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ} [الأنفال: ٤٨] أي: حافظ لكم منهم فلا يصل إليكم من جهتهم مكروه، {فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ} [الأنفال: ٤٨] التقى الجمعان من المسلمين والمشركين، وصارتا بحيث رأى أحدهما الآخر، رأى إبليس جبريل ينزل ومعه الملائكة، فولى مدبرا، وهو قوله: {نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ} [الأنفال: ٤٨] يقال: نكص ينكص نكوصا.

إذا تأخر عن الشيء وجبن، قال ابن عباس: رجع موليا.

وقال ابن قتيبة: رجع القهقرى.

وقال الكلبي: كان إبليس لعنه الله في صف المشركين على صورة سراقة آخذا بيد الحارث بن هشام، فرأى الملائكة حين نزلت من السماء فنكص على عقبيه، فقال له الحارث: يا سراقة أفرارا من غير قتال؟ فقال له: يا حارث، {إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: ٤٨] ، ودفع في صدر الحارث، وانطلق وانهزم الناس.

قال قتادة: صدق عدو الله في قوله: {إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ} [الأنفال: ٤٨] ، وكذب في قوله: {إِنِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>