للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأشياء أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله، فتربصوا قال ابن عباس: فتربصوا بما تحبون فليس لكم عند الله ثواب في إيمانكم.

وقوله: {حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [التوبة: ٢٤] الأكثرون قالوا: يعني فتح مكة.

يقول: بأن كنتم تؤثرون المقام في دوركم وأهليكم، وتتركون الهجرة فأقيموا غير مثابين، حتى يفتح الله مكة فيسقط فرض الهجرة، والأمر بالتربص أمر تهديد، قوله: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ {٢٥} ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ {٢٦} ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ {٢٧} } [التوبة: ٢٥-٢٧] {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ} [التوبة: ٢٥] أي: في أمكنة ومقامات، يخاطب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمؤمنين، ويوم حنين أي: وفي يوم حنين، وهو واد بين مكة والطائف، قاتل عليه نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هوازن، وثقيفا بعد فتح مكة، {إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} [التوبة: ٢٥] قال قتادة: كانوا اثني عشر ألفا.

وقال مقاتل: كانوا أحد عشر ألفا وخمس مائة، وقال الكلبي: كانوا عشرة آلاف.

وقال عطاء، عن ابن عباس: خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مكة إلى حنين في ستة عشر ألفا وكان معه رجل من الأنصار يقال له: سلمة بن سلامة بن وقش، فعجب لكثرة الناس فقال: لن نغلب اليوم من قلة.

فساء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلامه، ووكلوا إلى كلمة الرجل.

فذلك قوله: {إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} [التوبة: ٢٥] لم تنفعكم كثرتكم ولم تدفع عنكم شيئا، {وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ} [التوبة: ٢٥] أي: برحبها وسعتها ضاقت عليكم، فلم تجدوا فيها موضع يصلح لفراركم، وهو قوله: {ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: ٢٥] قال الزجاج: أعلم الله أنهم ليس بكثرتهم يغلبون، إنما يغلبون بنصر الله إياهم، ووكلوا ذلك اليوم إلى كثرتهم فانهزموا، ثم تداركهم الله بنصره حتى ظفروا، وذلك قوله: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: ٢٦] يعني: الأمنة والطمأنينة.

٤٠٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُزَكِّي، أنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَطَرٍ، أنا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، نا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، نا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، يَقُولُ: وَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عُمَارَةَ وَلَّيْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يُوَلِّ، وَلَكِنْ عَجِلَ سَرَعَانُ النَّاسِ فَرَشَقَتْهُمْ هَوَازِنُ وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذٌ بِرَأْسِ بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا النَّبِيُّ لا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ

<<  <  ج: ص:  >  >>