قال الزجاج: أنزل الله عليهم السكينة، حتى عادوا وظفروا وأراهم في ذلك اليوم من آياته ما زادهم يقينا في الدين، وهو قوله:{وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا}[التوبة: ٢٦] قال ابن عباس: يعني: الملائكة.
وقال سعيد بن جبير: أمد الله نبيه عليه السلام بخمسة آلاف من الملائكة.
وقال سعيد بن المسيب: حدثني رجل كان في المشركين يوم حنين قال: لما كشفنا المسلمين جعلنا نسوقهم حتى إذا انتهينا إلى صاحب البغلة الشهباء، فتلقانا رجال بيض الوجوه حسان، فقالوا لنا: شاهت الوجوه ارجعوا.
فرجعنا، وركبوا أكتافنا.
وذلك قوله:{وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا}[التوبة: ٢٦] بالقتل والأسر وسبي الأولاد، {وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ {٢٦} ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} [التوبة: ٢٦-٢٧] من عباده فيهديهم إلى الإسلام ولا يؤاخذه بما سلف منه، {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[التوبة: ٢٧] بمن آمن، قوله:{يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}[التوبة: ٢٨]{يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}[التوبة: ٢٨] قال الليث: النجس: القذر من الناس ومن كل شيء، يقال: رجل نجس، وقوم أنجاس.
ولغة أخرى رجل نجس، وقوم نجس، ورجلان نجس، ومنه قوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}[التوبة: ٢٨] قال ابن عباس: يريد لا يغتسلون من الجنابة، ولا يتوضئون لله تعالى، ولا يصلون لله.
{فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}[التوبة: ٢٨] أي: لا يدخلوا الحرم بعد سنة تسع، أمر المسلمون بمنع المشركين من الحج ودخول الحرم، ولما منعوا من دخول الحرم، قال المسلمون: إنهم كانوا يأتون بالميرة ويتبايعون، فالآن تنقطع المتاجر ويضيق العيش.
فأنزل الله عز وجل:{وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}[التوبة: ٢٨] قال ابن عباس: يتفضل عليكم بما هو أوسع وأكثر.
قال مقاتل: ثم أسلم أهل جدة وصنعاء وجرش، وحملوا الطعام إلى مكة وكفاهم الله ما كانوا يتخوفون، وقوله:{إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}[التوبة: ٢٨] قال ابن عباس: عليم بما يصلحكم، حكيم فيما حكم من المشركين.