للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَنْب أصلا لم يكن ظلما عِنْد هَؤُلَاءِ وَإِذا فعل مَا يَشَاء بِمُقْتَضى حكمته وَقدرته كَانَ ظلما عِنْد أُولَئِكَ فَإِنَّهُم يجْعَلُونَ ظلمه من جنس ظلم الْعباد وعدله من جنس عدلهم وهم مشبهة الْأَفْعَال

وَالسَّيِّد إِذا ترك مماليكه يظْلمُونَ ويفسدون مَعَ قدرته على مَنعهم كَانَ ظَالِما وَإِذا كَانَ قد أَمرهم ونهاهم وَهُوَ يعلم أَنهم يعصونه وَهُوَ قَادر على مَنعهم كَانَ ظَالِما وَإِذا قَالَ مقصودي أَن أعرضهم لثواب الطَّاعَة وَلذَلِك اقتنيتهم وَقد علم أَنهم لَا يطيعونه كَانَ سَفِيها ظَالِما وهم يَقُولُونَ إِن الرب خلق الْخلق وَلَيْسَ مُرَاده إِلَّا أَن يَنْفَعهُمْ وَأمرهمْ وَلَيْسَ مُرَاده إِلَّا نفعهم بالثواب مَعَ علمه أَنهم يعصونه وَلَا يَنْتَفِعُونَ

وَلِهَذَا طَائِفَة مِنْهُم نفت علمه وَآخَرُونَ قَالُوا مَا يُمكنهُ أَن يجعلهم مُطِيعِينَ وَهُوَ قَول جمهورهم فنفوا قدرته وَإِن أثبتوه عَالما قَادِرًا وَلم يفعل مَا أَرَادَهُ من الْخَيْر جَعَلُوهُ غير حَكِيم وَلَا رَحِيم بل وَلَا عَادل

وَأما الطَّائِفَة الْأُخْرَى فهم معطلة فِي الْأَفْعَال كَمَا أَن أُولَئِكَ مشبهة الْأَفْعَال فَإِنَّهُم يعطلون فعل العَبْد وَيَقُولُونَ لَيْسَ بفاعل وَلَا قَادر على الْفِعْل وَلَا لَهُ قدرَة مُؤثرَة فِي الْمَقْدُور وَأما الرب فَيَقُولُونَ خلق مَا خلق لَا لحكمة أصلا فعطلوا حكمته وَقَالَ إِنَّه يجوز أَن يعذب جَمِيع الْخلق بِلَا ذَنْب فعطلوا عدله وَالْعدْل هُوَ فعله وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَائِم بِالْقِسْطِ فَمن نفى عدله وحكمته فإمَّا أَن يَنْفِي فعله وَإِمَّا أَن يصفه بضد ذَلِك من الظُّلم والسفه كَمَا أَن الْكَلَام على الطَّائِفَتَيْنِ فِي غير هَذَا الْموضع

<<  <  ج: ص:  >  >>