أَو ذَنبا مغفورا وَإِن كَانَ لَا يبغض على ذَلِك فَلَا يحب إِلَّا مَا أحبه الله وَرَسُوله فيحب مَا كَانَ من اجْتِهَاده من عمل صَالح
وَهَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ أَمر يجده الأنسان من نَفسه ويحسه أَنه إِذا أحب الشَّيْء لم يحب ضِدّه بل يبغضه فَلَا يتَصَوَّر اجْتِمَاع إرادتين تامتين للضدين لَكِن قد يكون فِي الْقلب نوع محبَّة وَإِرَادَة لشَيْء وَنَوع محبَّة وَإِرَادَة لضده فَهَذَا كثير بل هُوَ غَالب على بني آدم لَكِن لَا يكون وَاحِد مِنْهُمَا تَاما فَإِن الْمحبَّة والإرادة التَّامَّة توجب وجود المحبوب المُرَاد مَعَ الْقُدْرَة فَإِذا كَانَت الْقُدْرَة حَاصِلَة وَلم يُوجد المحبوب المُرَاد لم يكن الْحبّ والإرادة تَامَّة وَكَذَلِكَ البغض التَّام يمْنَع وجود البغيض مَعَ الْقُدْرَة فمتي وجد مَعَ إِمْكَان الِامْتِنَاع لم يكن البغض تَاما
وَمن هُنَا يعرف أَن قَول النَّبِي لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن وَلَا يسرق السَّارِق حِين يسرق وَهُوَ مُؤمن وَلَا يشرب الْخمر حِين يشْربهَا وَهُوَ مُؤمن على بَابه لَو كَانَ بغضه لما أبغضه الله من هَذِه الْأَفْعَال تَاما لما فعلهَا فَإِذا فعلهَا فإمَّا أَن يكون تَصْدِيقه بِأَن الله يبغضها فِيهِ ضعف أَو نفس بغضه لما يبغضه الله فِيهِ ضعف وَكِلَاهُمَا يمْنَع تَمام الْإِيمَان الْوَاجِب
محبَّة الله وَرَسُوله على دَرَجَتَيْنِ: وَاجِبَة ومستحبة
ومحبة الله وَرَسُوله على دَرَجَتَيْنِ وَاجِبَة وَهِي دَرَجَة الْمُقْتَصِدِينَ ومستحبة وَهِي دَرَجَة السَّابِقين