للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُؤمنِينَ فَلَو كَانَت كِفَايَته للْمُؤْمِنين المتبعين للرسول سَوَاء اتَّبعُوهُ أَو لم يتبعوه لم يكن للْإيمَان وَاتِّبَاع الرَّسُول ثمَّ أثر فِي هَذِه الْكِفَايَة وَلَا كَانَ لتخصصهم بذلك معنى وَكَانَ هَذَا نَظِير أَن يُقَال هُوَ خالقك وخالق من اتبعك من الْمُؤمنِينَ وَمَعْلُوم أَن المُرَاد خلاف ذَلِك

وَإِذا كَانَ الْحسب معنى يخْتَص بِهِ بعض النَّاس علم أَن قَول المتَوَكل حسبي الله وَقَوله تَعَالَى وَمن يتوكل على الله فَهُوَ حَسبه [سُورَة الطَّلَاق ٣] أَمر مُخْتَصّ لَا مُشْتَرك وَأَن التَّوَكُّل سَبَب ذَلِك الإختصاص وَالله تَعَالَى إِذا وعد على الْعَمَل بوعد أَو خص أَهله بكرامة فَلَا بُد أَن يكون بَين وجود ذَلِك الْعَمَل وَعَدَمه فرق فِي حُصُول تِلْكَ الْكَرَامَة وَإِن كَانَ قد يحصل نظيرها بِسَبَب آخر فقد يَكْفِي الله بعض من لم يتوكل عَلَيْهِ كالأطفال لَكِن لَا بُد أَن يكون للمتوكل أثر فِي حُصُول الْكِفَايَة الْحَاصِلَة للمتوكلين فَلَا يكون مَا يحصل من الْكِفَايَة بالتوكل حَاصِلا مُطلقًا وَإِن عدم التَّوَكُّل

التَّوَكُّل سَبَب نعْمَة الله وفضله

وَقد قَالَ تَعَالَى وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل فانقلبوا بِنِعْمَة من الله وَفضل لم يمسسهم سوء وَاتبعُوا رضوَان الله وَالله ذُو فضل عَظِيم [سُورَة آل عمرَان ١٧٣ - ١٧٤] فمعقب هَذَا الْجَزَاء وَالْحكم لذَلِك الْوَصْف وَالْعَمَل بِحرف الْفَاء وَهِي تفِيد السَّبَب فَدلَّ ذَلِك على أَن ذَلِك التَّوَكُّل هُوَ سَبَب هَذَا الإنقلاب بِنِعْمَة من الله وَفضل وَأَن هَذَا الْجَزَاء جَزَاء على ذَلِك الْعَمَل

وَفِي الْأَثر من سره أَن يكون أقوى النَّاس فَليَتَوَكَّل على الله فَلَو كَانَ التَّوَكُّل لَا يجلب مَنْفَعَة وَلَا يدْفع مضرَّة لم يكن المتَوَكل أقوى من غَيره

<<  <  ج: ص:  >  >>