للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى أولى الْأَمر وَلِهَذَا كَانَ أولو الْأَمر إِذا اجْتَمعُوا لَا يَجْتَمعُونَ على ضَلَالَة فَإِذا تنازعوا فالرد إِلَى كتاب الله وَسنة رَسُوله لَا إِلَى غير ذَلِك من عَالم أَو أَمِير وَمن يدْخل فِي ذَلِك من الْمَشَايِخ والملوك وَغَيرهم وَلَو كَانَ غير الرَّسُول مَعْصُوما أَو مَحْفُوظًا فِيمَا يَأْمر بِهِ ويخبر بِهِ لَكَانَ مِمَّن يرد إِلَيْهِ مواقع النزاع كَمَا يردهُ الْقَائِلُونَ بِإِمَام مَعْصُوم إِلَيْهِ وكما جرت عَادَة كثير من الأتباع أَن يردوا مَا تنازعوا فِيهِ إِلَى الإِمَام والقدوة الَّذِي يقلدونه

وَمَعْلُوم أَن عُلَمَاء الطوائف ومقتصديهم لَا يرَوْنَ هَذَا الرَّد وَاجِبا على الْإِطْلَاق لَكِن قد يَفْعَلُونَ ذَلِك لِأَنَّهُ لَا طَرِيق لَهُم إِلَى معرفَة الْحق واتباعه إِلَّا ذَلِك لعجزهم عَمَّا سوى ذَلِك فيكونون معذورين وَقد يَفْعَلُونَ ذَلِك اتبَاعا لهواهم فِي محبتهم لذَلِك الشَّخْص وبغضهم لنظرائه فيكونون غير معذورين وَلَكِن من اعْتقد من هَؤُلَاءِ فِي متبوعه أَنه مَعْصُوم أَو أَنه مَحْفُوظ عَن الذُّنُوب وَالْخَطَأ فِي الِاجْتِهَاد فَذَلِك مَرْدُود عَلَيْهِ بِلَا نزاع بَين أهل الْعلم وَالْإِيمَان

الغلو فِي الْبشر يُؤَدِّي إِلَى الشّرك

وَلِهَذَا إِنَّمَا يَقُول ذَلِك غلاة الطوائف الَّذين يغلب عَلَيْهِم اتِّبَاع الظَّن وَمَا تهوى الْأَنْفس وَقد غلب على أحدهم جَهله وظلمه وكما أَن الغلو فِي غير الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ قدح فِي منصب الرَّسُول وَمَا خصّه الله بِهِ وَهُوَ أحد أُصَلِّي الْإِسْلَام فَكَذَلِك الغلو فِي غير الله فِيهِ قدح فِيمَا يجب لله من الألوهية وَفِيمَا يسْتَحقّهُ من صِفَاته فَمن غلا فِي الْبشر أَو غَيرهم فجعلهم شُرَكَاء فِي الألوهية أَو الربوبية فقد عدل بربه وأشرك بِهِ وَجعل لَهُ ندا وَمن زعم أَن الله ذمّ أحدا من الْبشر أَو عاقبه على مَا فعله وَلم يكن ذَلِك ذَنبا فقد قدح فِيمَا أخبر الله بِهِ وَمَا وَجب لَهُ من حكمته وعدله فالجاهل يُرِيد تَنْزِيه الصَّحَابَة

<<  <  ج: ص:  >  >>