وَأنكر تَعَالَى على من ظن وجود الْأَسْبَاب كعدمها فِي قَوْله تَعَالَى أفنجعل الْمُسلمين كالمجرمين [سُورَة الْقَلَم ٣٥] وَقَوله تَعَالَى أم نجْعَل الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات كالمفسدين فِي الأَرْض أم نجْعَل الْمُتَّقِينَ كالفجار [سُورَة ص ٢٨] وأمثال ذَلِك
وَهَؤُلَاء الَّذين يَقُولُونَ بالجبد رقالوا بِالْأَمر وَالنَّهْي حَقِيقَته أَنه إِعْلَام بِوُقُوع الْعَذَاب بِالْمَعَاصِي بمحض الْمَشِيئَة لَا لسَبَب وَلَا لحكمة فقلبوا حَقِيقَة الْأَمر وَالنَّهْي إِلَى الْجَبْر كَمَا أبطلوا الْأَسْبَاب وَالْحكم وأبطلوا قدر الْعباد وهم وَإِن كَانُوا يردون على الْقَدَرِيَّة ويذكرون من تناقضهم مَا يبين بِهِ فَسَاد قَول الْقَدَرِيَّة فَردُّوا بَاطِلا بباطل وَقَابَلُوا بِدعَة ببدعة كرد الْيَهُود على النَّصَارَى وَالنَّصَارَى على الْيَهُود مقاتلهم فِي الْمَسِيح وكلا المقالتين بَاطِلَة وَكَذَلِكَ تقَابل الْخَوَارِج والشيعة فِي عَليّ كِلَاهُمَا بَاطِل على بَاطِل ونظائر مُتعَدِّدَة
[فصل]
فرض الله الدُّعَاء على الْعباد لافتقارهم إِلَى هدايته
وَإِن مَا فرض عَلَيْهِ من الدُّعَاء الرَّاتِب الَّذِي يتَكَرَّر فِي الصَّلَوَات بل الرَّكْعَات فَرضهَا ونفلها هُوَ الدُّعَاء الَّذِي تضمنته أم الْقُرْآن وَهُوَ قَوْله تَعَالَى اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين لِأَن كل عبد فَهُوَ مُضْطَر دَائِما إِلَى مَقْصُود هذاالدعاء وَهُوَ هِدَايَة الصِّرَاط الْمُسْتَقيم فَإِنَّهُ لَا نجاة من الْعَذَاب إِلَّا بِهَذِهِ الْهِدَايَة وَلَا وُصُول
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute